للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وها نحن نعلمك بما ثم (١)، ونفهمك بالبلاء الذى عليك قد عمّ: رحلنا عنك من اطرابلس فى يوم الأربعاء رابع وعشرين شعبان، ونزلنا انطاكية فى مستهلّ رمضان.

وفى حالة النزول خرجت عساكرك للمبارزة فكسروا، وتناصروا فما نصروا، وأسر من بينهم كند اسطبل، فسأل فى مراجعة أقرانك، ودخل الى المدينة وخرج فى جماعة من رهبانك وأعيانك (٥)، فتحدثوا معنا فرأيناهم على رأيك فى اتلاف النفوس بالغرض الفاسد، وأنّ رأيهم فى الخير مختلف وقولهم فى الشر واحد. فلما رأيناهم قد فات فيهم الفوت، وأنهم قد قدّر الله عليهم بالموت، رددناهم وقلنا: نحن الساعة لكم نحاصر، وهذا أول الإنذار وهو الآخر-، فرجعوا وهم متشبهين بفعلك، ومعتدين (٩) أنّك تدركهم بخيلك ورجلك. وفى بعض ساعة مرّ شان المرشان، وداخل الرهب الرهبان، وبان البلاء للقسطلان، وجاءهم الموت من كل مكان، وفتحناها بالسيف فى الساعة الرابعة من يوم السبت رابع شهر رمضان، وقتلنا كل من جعلته لحفظها (١٢) وللمحاماة عنها، وما كان أحد منهم إلاّ وعنده شئ من الدنيا، فما بقى أحد منّا إلاّ وعنده شئ منهم ومنها.

فلو رأيت خيالتك وهم صرعا (١٤) تحت أرجل الخيول، وديارك والنهابة فيها تصول، والكسابة بها تجول، وأموالك وهى توزن بالقنطار، وداماتك وكل أربع منهن تباع فتشترى من مالك بدينار، ولو رأيت كنايسك وصلبانها قد كسرت ونشرت،


(١) ثم: تم--ونفهمك: فى الأصل «ونفهملك»
(٥) وأعيانك: فى ابن عبد الظاهر، الروض الزاهر، ق ١١١ ب، تحقيق الخويطر ص ١١٢٦ «وأعيان أعيانك»؛ فى النويرى ج‍ ٢٨ ص ٩٥ «وأعيان أعوانك»
(٩) ومعتدين: فى ابن عبد الظاهر ق ١١١ ب، تحقيق الخويطر ص ١١٢٦، والنويرى ص ٩٥، والقلقشندى، صبح الأعشى، ج‍ ٨ ص ٣٠٠، وم ف «ومعتقدين»
(١٢) لحفضها: لحفظها
(١٤) صرعا: صرعى