للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما بلغته هده الرساله، (١٤٢) اخد [البرنس] يحترس على نفسه، ولا عاد يركب ولا يتصيّد خوفا على نفسه من الاسماعيليه. وكان يحب الركوب للصيد، فامتنع من دلك. فلما بلغ السلطان الملك الظاهر دلك، سيّر اليه غزلان (٣) مدبوحه، وضبعا حيا، وحمل ثلج، ورساله يقول له: «لما اتصل بنا امتناعك من التصرف خوفا على نفسك وهجرانك للصيد الدى هو غايه مرامك، بعثنا اليك نصيبا من الاجحاف بك والميل عليك». ثم رحل السلطان من مرج صافيثا، فنزل على طرابلس رابع شوال.

فبعث اليه البرنس يقول: «لاى سبب قصدنا السلطان؟» فاجابه «لارعا (٧) زرعكم، واخرب دياركم، واعود انشا الله فى السنه الاتيه اليكم لاخد ارواحكم». فبعث [البرنس] الى السلطان يستعطفه ويلافيه، ويساله ان يبعث اليه من يثق به. فسير اليه السلطان الامير فارس اتابك والامير سيف الدين بلبان الدوادار الرومى.

حدثنى الوالد-سقى الله عهده-قال: كنت مع الامير مخدومى سيف الدين الدوادار، لما بعثه السلطان الى صاحب طرابلس. قال: فالتقاهم ملتقا (١٢) حسنا، وقام بواجب خدمتهما أتم قيام. وكان السلطان قد اقترح مقترحات شرطها عليه، وهى ان يكون للسلطان من كوم عينا (١٤) من اعمال طرابلس-نصفان بالسويه، وان يكون له دار وكاله، وزكاه، ونايب، ومشد، وديوان، وان يعطى العساكر النفقه من يوم خروجهم.

قال [الوالد]: فلما وقف الابرنس على دلك، امتنع وعزم على القتال وقال لهما:

«ان السلطان لما اخد انطاكيه منى بالسيف كان عدرى مبسوطا عند الفرنج، ولما قصد حصن عكار طلب منى ان انزل عن نصف بلادى، فلم اجبه خوفا من الفرنج ان


(٣) غزلان: غزلانا
(٧) لارعا: لأرعى
(١٢) ملتقا: ملتقى
(١٤) من كوم عينا: كذا فى الأصل وفى م ف؛ فى اليونينى، ذيل مرآة الزمان، ج‍ ٢ ص ٤٥٠ «من مكان عينه» -- نصفان: كذا فى الأصل وفى م ف؛ فى اليونينى ص ٤٥٠ «نصفا»