للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من احواله مع السلطان الملك الظاهر. واتفق ان السلطان طلع يوما الى سطح المزه، فساق الى تلك المغار (٢) التى فيها الشيخ خضر. فنظر اليه، فسلم عليه وتحدث معه، فبشره بالملك، وعرفه متى يصير اليه.

فلما حصل للسلطان الظاهر المقصود، كان الشيخ خضر قد احتوى على عقل (١٩٧) الامير سيف قشتمر العجمى، احد الامراء البحريه من الصالحيه الكبار، وكان يخبره عن السلطان الملك الظاهر قبل تملكه بجميع ما يتم له. فلما ملك السلطان، قال له قشتمر العجمى: «عندى شخص فقير خبرنى عنك كيت وكيت».

فتدكره السلطان. فلما نزل على الطور، نوبة توجه (٨) الى الكرك، سأل من قشتمر عنه، فاخبره انه انقطع فى مغار عند قبر ابى هريره رضى الله عنه، فقصده السلطان واجتمع به، ودكره اجتماعه به بسطح المزه، فامره بملازمته.

وكان يخبره بساير احواله قبل وقوعها، فلم يخرم شئ وكدلك فى ساير فتوحاته متى يكون فتحها، فلا يتعدا (١٢) دلك. فحيّر عقل السلطان، وعاد الغالب على امره فى جميع احواله؛ ومن جملة دلك: لما عاد السلطان من دمشق استشاره فى توجهه الى الكرك، فلم يشر عليه بدلك وقال: «ليس لك فى دلك خيره، بل اقصد مصر». فخالفه [السلطان الملك الظاهر] وتوجه الى نحو الكرك، فتقنطر وانكسر فخده (١٥).

واتفقت له معه اشياء، إمّا عن اطلاع وإما صدفيات، والله اعلم.

ثم ان السلطان اعتبق به اعتباقا عظيما، وبنى له زاويه على الخليج بظاهر القاهره، واوقف عليها احكار (١٨) عظيمة يجبا منها فى السنه فوق العشرين الف درهم، وكدلك بالقدس الشريف زاويه، وبدمشق زاويه، وببعلبك وبحماه، وبحمص،


(٢) المغار: المغارة
(٨) توجه: توجهه
(١٢) يتعدا: يتعدى
(١٥) فخده: فخذه
(١٨) احكار: أحكارا--يجبا: يجبى