للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التى ملأت يديه ما يستروح بنسيمه (١)، ويستفتح [لسان] الحمد بتقديمه، وتزداد به مسرة وابتهاجا، ويزدان عقود السعود. وإنما تزين اللآلئ فى العقود ازدواجا، ويقوى به قوى العزايم، وتمثله الاعداء فى افكارها. فتكاد تجر ذيول الهزايم، وتبعث الآمال على تمسكها بالنصر، وتظهر منه المحابّ التى لو قصدت الأقلام لحصرها لعجزت عن الحصر. وهو أن العلم الكريم قد أحاط بالصورة التى استقرت من دخول الناس فى طاعة المملوك، ولم يختلف بحمد الله عن الدخول فيها غنى ولا صعلوك.

فلما كان يوم السبت الثالث من شعبان المبارك سنة ثمان وسبعين وستمايه ركب المملوك بشعار السلطنة، وأبّهة الملك. وسلك المجالس العالية، الأمراء والمقدمين (١٠)، والمفاردة والعساكر المنصورة، من آداب الخدمة وإخلاص النيا وحسن الطاعة، كلّما (١١) دلّ على انتظام الأمر، واتّساق (٢٠٨) عقد النصر. ولما قضينا من أمر الركوب وطرا، وأنجزنا للأولياء وعدا من السعادة منتظرا، عدنا إلى قلعة الجبل المحروسة والأيدى بالأدعية الصالحة لنا مرتفعة، والقلوب على محبة أيامنا مجتمعة، والآمال قد توثقت بالعدل واستمراره، والأبصار قد استشرقت من التأييد مطلع (١٥) أنواره. وشرعنا من الآن فى أسباب الجهاد. وأخذنا فى كل ما يؤذن إنشاء الله تعالى لفتح ما فى أيدى العدو من البلاد، ولم يبق إلاّ أن نثنى الأعنّة، ونسدد الأسنّة، ونظهر ما فى النفوس من مضمرات المقاصد المستكنّة.

[ورسمنا] (١٨) بأن تزين دمشق، وتضرب البشاير فى البلاد، وأن يسمعها كل حاضر وباد. والله تعالى يجعل أوقاته بالتهانى مفتتحة، ويشكر مساعيه التى


(١) بنسيمه: فى الأصل «تنسيمه»، انظر ابن الفرات--أضيف ما بين الحاصرتين من ابن الفرات ج‍ ٧ ص ١٥٣، واليونينى ج‍ ٤ ص ٩
(١٠) والمقدمين: والمقدمون
(١١) كلما: كلّ ما
(١٥) مطلع: فى ابن الفرات ج‍ ٧ ص ١٥٣ «مطالع»
(١٨) أضيف ما بين الحاصرتين من ابن الفرات