للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما كان فى إنفاذ الجواسيس من الضرر العامّ للخاصّ والعامّ من فقراء المسلمين وعباد الله الصالحين. فإن عساكرنا طال ما (٢) رأوهم فى زىّ الفقراء والنسّاك وأهل الصلاح، فساءت ظنونهم حتى قتلوا من قتلوا من هذه الطوايف بغير حرمة ولا جناح. فإذا ارتفعت الحاجة بحمد الله تعالى إلى ذلك، تأمنت الطرق والمسالك، وتردّد التجار وغيرهم، وتطمأن (٥) القلوب من الفكر فى هذه الأمور، ويأمن ساير الجمهور. وترتفع دواعى المضرة، التى كانت توجب المخالفة، فإنها إن كانت بطريق الدين والذبّ عن حوزة المسلمين، فقد ظهر بفضل الله تعالى فى دولتنا الفوز (٧) المبين. وإن كانت لما سبق من الأسباب، ممن يجرى (٨) الآن طريق الصواب، ف‍ {إِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ} (٩).

(٢٢٦) والآن فقد رفعنا الحجاب، وعرّفناهم ما عزمنا عليه بنية خالصة لله تعالى، لنعلم ما عندهم من الجواب. وحرّمنا على جميع عساكرنا العمل بخلافها، لنرضى الله والرسول، ويلوح على صفحاتها آثار الإقبال والقبول، وتستريح من اختلاف الكلمة هذه الأمه، وتنجلى بنور الإسلام (١٣) ظلمة الاختلاف والغمّة. فتسكن فى سابغ ظلها البوادى والحواضر، وتقرّ القلوب التى بلغت من الجهد الحناجر، وتعفى عن ما (١٤) سلف من الهنات والجراير، ونريح المسلمين من فكر تفتّت المراير.

فإن وفّق الله سلطان مصر لاختيار ما فيه صلاح العالم، وانتظام أمور بنى آدم، فقد وجب علينا التمسك بالعروة الوثقى، وسلوك الطريقة المثلى، بفتح أبواب الطاعات والإنجاد (١٨)، وبذل الإخلاص بحيث تنعمر الممالك والبلاد. وتسكن الفتنة الثايرة،


(٢) طال ما: طالما
(٥) وتطمأن: وتطمئنّ
(٧) الفوز: كذا فى الأصل وم ف؛ فى ابن عبد الظاهر ص ٩ «النور»
(٨) ممن يجرى: كذا فى الأصل وم ف؛ فى ابن عبد الظاهر ص ٩ «فمن تحرّى»
(٩) القرآن ٣٨:٢٥
(١٣) الإسلام: كذا فى الأصل؛ فى م ف وابن عبد الظاهر ص ٩ «الائتلاف»
(١٤) عن ما: عما
(١٨) والإنجاد: كذا فى الأصل؛ فى م ف وابن عبد الظاهر ص ١٠ «والاتحاد»