للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت هذه القلعة المذكورة للثغور الإسلامية بمنزلة الشجا فى الحلق، والتشويه فى الخلق، والغلّة فى الصدر، والخسوف الطارئ على طلعة البدر، لا تخلوا (٢) من غلّ تضمره، فى لين تظهره، وغدر تستره، فى عذر تورده وتصدره، وقد سكن أهلها إلى مخادعة الجار، وموادعة التتار، وممالأتهم على الإسلام بالنفس والمال، ومساواتهم (٢٨٩) لهم حتى فى الزىّ والحال، يمدّونهم بالهدايا والألطاف، ويدلّونهم على عورات الأطراف. وهم يتقون (٦) بمسالمة الأيام، ويدّعون أنّ قلعتهم لم تزل من الحوادث فى ذمام، ويغترّون بها ولولا السطوات الشريفة لحق مثلها (٧) أن يغترّ، ويسكنون إلى حصانتها كلّما أومض فى ذلك (٨) السحب برق ثغرها المفترّ.

وهو حصن صاعد متحدّر، بارز متستّر (٩)، لا يطأ إليه السالك إلاّ على المحاجر، ولا تنظره العيون حتى تبلغ القلوب الحناجر، كأنّه فى ضماير الحال حيث يقبل (١٠) وهو كامن، ويحرق (١١) وهو باطن، قد أرخت عليه الجبال الشواهق ذوايبها، ومدّت عليه الغمايم أطنابها ومضاربها، وقد تنافست فيه الرواسى الرواسخ، والشم الشوامخ (١٢)، وتقاسمته العناصر فهو فى الرفعة (١٣_) والثبات مجاوزا للفرات، (١٣) [مشترك بين النار والهواء والماء والأرض. وقد امتدّت الفرات] (١٤) من شرقها كالسيف فى كفّ طالب ثأر، واكتنفها


(٢) تخلوا: تخلو
(٦) يتقون: كذا فى الأصل وفى النويرى ص ٦٦؛ فى الجزرى ص ١١٤، وابن الفرات ج‍ ٨ ص ١٤٠ «يثقون»
(٧) مثلها: فى الجزرى «لمثلها»، فى النويرى وابن الفرات وز ت «بمثلها»
(٨) ذلك: فى الجزرى والنويرى وز ت «خلل»، بينما فى ابن الفرات «حلك»
(٩) متستر: فى ابن الفرات «مستنير»، وفى النويرى وز ت «مستدير»
(١٠) فى ضماير الحال حيث يقبل: فى الجزرى وفى ابن الفرات «فى ضماير الجبال حب يقتل»، وفى ز ت والنويرى «فى ضمائر الخيال خبء يقتل»
(١١) ويحرق: فى الجزرى والنويرى وابن الفرات وز ت «ويحرف الظاهر»
(١٢) والشم الشوامخ: فى الجزرى والنويرى وابن الفرات «فأخفاه بعضها عن بعض»
(١٣_) فى الرفعة: فى الجزرى والنويرى وابن الفرات وز ت «للنكاية والرفعة» --مجاوزا للفرات: فى الجزرى ص ١١٥، والنويرى ص ٦٦، وابن الفرات ص ١٤٠، وز ت «ومجاورة الفرات»
(١٣ - ١٤) أضيف ما بين الحاصرتين من النويرى وابن الفرات وز ت؛ انظر أيضا حواشى Zettersteen S .١٤