للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من كلّ جانب إحاطة الهالة بالهلال، وسلكوا إليها تلك المحارم (١)، وقد تقدّمهم الرعب هاديا، وأقدموا على قطع تلك المسالك والمهالك (٢) بالأموال والأنفس ثقة منهم بأنهم {لا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ اادِياً} (٣). فلم يكن بأسرع من أن طار إليهم الحمام فى أجنحة السهام، وخضبت الأحجار تلك الغادة (٤) العذراء بالدماء للضرورة وللضرورات أحكام. وأزالت النقّابة عنها نقاب احتشامها، ودبّت فى مفاصلها دبيب السقم فى عظامها، مع أنّها مستقرّة على الصخر الذى لا مجال فيه للحديد، ولكن أعزّ الله بالنصر سلطاننا فجاءت أسباب الفتح كما (٧) يريد. وأقيمت المجانيق المنصورة أمامها، فأيقنوا (٨) بالعذاب الأليم، وشاموا بروق الموت من عواصف أحجارها التى ما تذر من شئ أتت عليه إلاّ جعلته كالرميم، وساهموها صلاة الحرب فلسهامها الركوع، ولبروجها (١٠) السجود، وللقلعة التسليم.

ولم نزل نشنّ عليهم غارة بعد غارة، ونسقهم (١١) على الضمار عيون أحجارها وإنّ من الحجارة، وهى مع ذلك تظهر الجلد والجدّ، وتغضب غضب الأسير على القدّ، وتخفى ما تكابد من الألم، وتشكوا (١٣) بلسان الحال شكوى الجريح إلى الغربان والرخم، إلى أن جاءت (١٤) من الإنجاز ما كانوا يأملون، وسطت مجانيقنا على (٢٩١) مجانيقهم


(١) المحارم: فى الجزرى والنويرى وابن الفرات وز ت «المخارم»
(٢) والمهالك: فى الجزرى ص ١١٦، والنويرى ص ٨٧، وابن الفرات ص ١٤٠، وز ت «والممالك»
(٣) القرآن ٩:١٢١
(٤) الغادة: فى الأصل «الجاده»، والصيغة المثبتة من الجزرى والنويرى وابن الفرات وز ت
(٧) كما: فى الجزرى ص ١١٦، والنويرى ص ٨٧، وابن الفرات ص ١٤١، وز ت «على ما»
(٨) فأيقنوا: فى المتن «وساهموها»، وصحح ابن الدوادارى الكلمة بالهامش
(١٠) ولبروجها: فى الجزرى والنويرى وابن الفرات وز ت «ولبروجهم»
(١١) ونسقهم: ونسقيهم--الضماء: الظمأ--عيون: فى الجزرى وابن الفرات وز ت «صوب»
(١٣) وتشكوا: وتشكو--الغربان: كذا فى الأصل وفى الجزرى، بينما فى النويرى وابن الفرات وز ت «العقبان»
(١٤) جاءت: فى الأصل والجزرى «جآت»، بينما فى النويرى وز ت «خاب» --الإنجاز: فى الجزرى والنويرى وابن الفرات «الإنجاد»