للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلم يقف عند دلك الشجاعى لاجله المحثوث، وحدثته نفسه بقتل الحسام استادار. فلما احس الحسام استادار بدلك، وظهر له من عيونهم الغدر، ولى منهزما الى نحو باب الساعات، ثم جلس عند باب الستاره التى للحريم. ثم ان الامرا المحاصرين القلعه بعثوا الى مولانا السلطان-عز نصره-ووالدته يقولون: «نحن مماليكك، ومماليك السلطان الشهيد والدك والسلطان الشهيد اخوك (٥)، ونحن تحت الطاعه. ولنا (٣١١) غريم، وهو الشجاعى، امسكه واعتقله، ونحن عبيدك». فاتفق الحال على مسكه وحبسه، ويكون أمنا على نفسه. ولما بلغ الشجاعى دلك، ولى منهزما وطلب باب الستاره، فوجد الحسام استادار جالسا فجلس الى جنبه.

قال والدى-رحمه الله-ان مولانا السلطان-عز نصره-وزين الدين كتبغا والحسام استادار وبيسرى لم يقصدوا قتل الشجاعى، ولكنه قتل نفسه بيده. وسبب دلك انهم لما مسكوه وأتوا به الى السجن، كان صحبته الحسام استادار ومعه ألاقوش وصمغار، وارادوا اعتقاله لا غير. وسلموه للجانداريه، وارادوا تقييده داخل الزردخاناه. فقال له بعض الجانداريه: «اقعد، ومد رجلك، ما كان اظلم نسمتك».

قال: فلكم الشجاعى لدلك الجاندار، كسر صف اسنانه، ثم قفز يدور فى الزردخاناه على سلاح. فخافوا منه، وجدبوا سيوفهم. فتناول رمحا وحمل عليهم، فضربه بعض الحاضرين بسيف قطع يده. فلما احس بالبلا هرب الى داخل البرج الدى كان فيه الافرم، فوقف حتى تصفى دمه. ولم يستجرى (١٧) احدا عليه حتى شكّوه بالرماح عن بعد منه، خوف (١٨) منه لما راو من شجاعة نفسه. ثم انهم قتلوه، وقطعوا راسه، واتوا بها كتبغا. فرفعت على رمح، ونودى عليها بالقاهره: «هده راس الملعون».

وقيل ان الدى ضربه اولا كان الأقوش.


(٥) اخوك: أخيك
(١٧) يستجرى: يستجر
(١٨) خوف: خوفا--راو: رأوا