للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما اصبحت، واراد السلطان يخرج تلك الليله من عندها، وكان صايما حسبما دكرنا، فقالت: «يا خوند، اشتهى الليله تفطر عندنا ولا تخرج مكان (٢)». فقال:

«يا خوند، ايش السبب؟ فما عندى غير القاضى حسام الدين وابن العسّال المقرى».

فقالت: «رايت منام (٤)، وانا وجله منه»، وقصّته عليه. فقال: «ما يكون الاّ ما يريد». هدا حديث القاضى مجد الدين حرمى (٥) وكيل بيت المال المعمور ووصى بيت الملك الظاهر، ينقل دلك عن بنت الملك الظاهر صاحبه المنام. ثم انها لم تعش بعده-السلطان-الا يسيرا وتوفت (٧) الى رحمة الله تعالى.

ولما خرجوا من بعد قتلة السلطان-رحمه الله-كان سيف الدين طغجى قد جلس مع البرجيه فى الدركاه ينظر ما يفعلوه (٩). فلما حضروا قال لهم: «قضيتم الشغل؟» قالوا: «نعم». ثم توجهوا باجمعهم الى دار النيابه التى كان بها منكوتمر، فطرقوا عليه الباب، وقالوا له: «اجب السلطان الساعه»، فانكر حالهم وتحقق انهم فعلوها كما كان مقرر (١٢) عنده. فقال لهم: «بالله عليكم، قتلتوا السلطان؟» فقال له كرجى: «نعم، يا مأبون، قتلناه وقد جينا اليك نلحقك به» فقال: «ما اسلّم نفسى حتى يجيرنى الامير سيف الدين طغجى»، فاجاره وحلف له انه لا ياديه (١٥) ولا يمكن من اديته.

وكان عند منكوتمر فى دلك الوقت نيف واربع مايه ضارب سيف، كلهم معتدين (١٧)، لكن خدله الله تعالى، فنعود بالله من الخدلان. ثم فتح الباب وخرج بسلام، فاخدوه ومضوا به الى الجبّ، فانزلوه عند الامرا (٣٣٣) المحبوسين.


(٢) مكان: مكانا
(٤) منام: مناما
(٥) القاضى مجد الدين حرمى: فى ابن تغرى بردى ج‍ ٨ ص ١٠١ «الشيخ مجد الدين الحرمى»
(٧) وتوفت: وتوفيت
(٩) يفعلوه: يفعلونه
(١٢) مقرر: مقرّرا--قتلتوا: قتلتم
(١٥) ياديه: يؤذيه--اديته: أذيته
(١٧) معتدين: معتدّون--خدله: خذله--فنعود: فنعوذ--الخدلان: الخذلان