للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تباشير النصر المبين والفتح المستبين، وأتمّ علينا نعمته، وأنزل علينا سكينته، قهرنا العدوّ الطاغية والجيوش الباغية، وفرّقناهم أيدى سبا {وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} (٢) حتى {جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً} (٣) فازدادت صدورنا انشراحا للإسلام، وقويت نفوسنا بحقيقة الأحكام، منخرطين فى زمرة من حبّب إليهم الإيمان وزيّنه فى قلوبهم وكرّه إليهم الكفر والفسوق والعصيان أوليك هم الراشدون فضلا من الله ونعمة (٥)، فوجب علينا رعاية تلك العهود الموثّقة والنذور المؤكّدة (٧)

فصدرت مراسمنا العالية ألاّ يتعرّض أحد (٨) من العساكر المذكورة على اختلاف طبقاتها، وتباين أجناسها واختلاف لغاتها، لدمشق وأعمالها وساير البلاد الشأميّة الإسلاميّة، وأن يكفّوا أظفار المتعدّى عن أنفسهم وأموالهم وحريمهم، ولا يجولوا حول حماه بوجه من الوجوه، حتى يشتغلوا بصدور مشروحة، وآمال مفسوحة، لعمارة البلاد، وتطهير الفساد، وتطمين العباد، بما هو كلّ واحد بصدده من تجارة وزراعة وغير ذلك من كلّ صناعة. وكان هذا الهوج العظيم وكثرة هذه العساكر، وتزاحم هذه الدساكر، تعرّض بعض نفر يسير إلى نهب بعض الرعايا وأسرهم، فأمرنا بقتلهم كيف رموهم بشرّهم، ليعتبر الباقون ويقطعوا أطماعهم عن النهب والأسر وغير ذلك من جميع الفساد. وليعلموا أنّا لا نسامح بعد هذا الأمر البليغ البتّة فى أذيّة أحد من العباد، ولا يتعرّضوا لأحد من أهل الأديان على اختلاف أديانهم من اليهود والنصارى والصابئة (١٩)، فكلّ منهم قد عاد منّا


(٢) السورة ٣٤ الآية ١٩
(٣) السورة ١٧ الآية ٨١
(٥) قارن السورة ٤٩ الآية ٧ و ٨
(٧) المؤكدة: الماكده
(٨) أحد: أحدا
(١٩) والصابئة: والصابة