للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<وأمّا> ما تحمّله قاضى القضاة من المشافهة فسمعناه، وجميع ما ذكره فهمناه، وأقمنا مقامه من يكون نسبته بعد ما عذرناه. وهو المشهور بدينه وعلمه، وسكينته وحلمه، لكنّه غريب منكم، بعيد (٣) عنكم، لم يطّلع على بواطنكم، ولا ما انعقدت عليه ضمايركم. وإن كنتم تريدون الصلح والإصلاح، وبواطنكم كظواهركم متتابعة الصلاح، فأنت الطالب لذلك على التحقيق، ما لم يكن فى قولك تشويه ولا تمليق، فنحن نقلّدك البغى الذى من سلّه به قتل. وبهذا سار المثل، وبه أيضا شهد القرآن العظيم بمثله {وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاّ بِأَهْلِهِ} (٨) فترسل إلينا شخصا من كبار دولتك وحكّام عشيرتك، ليكون إذا قطع أمرا أو فصل حكما، عوّلتم عليه، وأنهيتم إليه، ويكون له فى دولتكم تمكين، وهو فيما يفعله ويفصله ثقة أمين، لنتكلّم معه بما فيه صلاح ذات البين، وإن لم يكن كذلك رددناه (١٢) بخفّى حنين

وأمّا طلب الملك الهديّة، من الديار المصريّة، فليس نبخل عليه وقدره عندنا أجلّ مقدار. وجميع ما يهدى إليه دون قدره. وإن تغالينا فى الإكثار. وإنّما الواجب أن يهدى إلينا من العراق بأصنافها، لنقابل هديّته إنشاء الله بأضعافها. ونتحقّق صدق نيّته، وما انعقدت عليه طويّته، لنفعل بعد ذلك ما يرضى الله عزّ وجلّ وإن كنّا فاعلين. ويكون محلّه عندنا أشرف محلّ {وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} (١٨)


(٣) بعيد: بعيدا
(٨) السورة ٣٥ الآية ٤٣
(١٢) رددناه: والارددناه
(١٨) السورة ١ الآية ٢ وفى سور أخر