للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورضاك، فيا خيبة مسعاك، فى دنياك وأخراك، ويا ويلك فى معادك، وعن قريب يخرّب عمرانك (٢) وبلادك، وتقتل أمرايك وأجنادك. وإن كان عن غير رضاك، ولم يبلغ أذناك، فقد أعلمناك، أن ليس مطلوب به سواك، فإن كنت فى قولك صحيح الكلام، وفى عقدك وفىّ النظام، فاقتل التوامين الذين فعلوا هذا الفعال، وأوقع بهم غاية النكال، لنعلم أنّك أوضحت الحجّة، وأنت على طريق المحجّة

وليعلم الملك أنّ عساكرنا لمّا وصلوا إلى الديار المصريّة وقد تحقّقوا ما تظاهرت به وما أضمرت من النيّة، وبدّلكم الميل عن الإيمان، وانتصرتم على قتالهم بعبدة الصلبان، اجتمعوا وتأهّبوا وخرجوا بعزمات محمديّة، وهمّات بدريّة، ونخوات إسلاميّة، وقلوب من الشرك بريّة، وهمم عند الله تعالى عالية مرضيّة، ووجوه بين يديه إنشاء الله بيض ضوئية، ونادوا بلسان الاستغفار، يا أمّة محمد، البدار البدار، اطلبوا من الكفّار بالثار، الحقوا أعدايكم ما داموا فى البلاد، لتشفوا منهم غلل الصدور والأكباد. فما وسع جيشكم إلاّ الفرار، وما كان لهم على الملتقى صبر ولا اقتدار. فاندفعت عساكرنا، وهى كالموج الزخّار، يجدّون فى السير الليل والنهار، إلى أن وصلوا إلى بلاد الشام، ثمّ قصدوا أن يقصدوكم فى بلادكم ليظّفروا بنيل المرام، فخشينا على رعيّتكم أن تهلك، ولا تجدون إلى النجاة مسلك. فأمرناهم بالمقام. ولزوم الاهتمام، حتى {لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً} (١٩)


(٢) عمرانك: عمرك
(١٩) السورة ٨ الآيتان ٤٢ و ٤٤