للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال المجيرىّ: فأطرق إلى الأرض وتكلّم مع شيخ من المغل كان قريبا منه

ثمّ قال: كيف هربتم منّا؟ -قال: فقبّلت الأرض وقلت: يحفظ الله القآن! عسكر التتار لهم ستّين سنة يهربون منّا ونحن هربنا مرة واحدة، قال. ثمّ استثبتّ فى كلامى وقلت: بمرسوم القآن أتكلّم. - قال: قول! -قلت: يحفظ الله القآن! ما هربنا منكم خوفا (٦) من كثرتكم ولا من عظم حزبكم، ولكن استهونّا بكم. -قال: كيف؟ - قلت: نحن كسرناكم مرّات عديدة مدّة ستّين سنة من أيّام جدّك هلاوون وأبغا ومنكوتمر وأرغون وإلى ذلك التأريخ، فبقى ملتقاكم علينا سهلا (١٠) من أهون ما يكون. وإنّ عساكر مولانا السلطان عساكر كثيرة وخلق عظيمة لا يعلم عدّتهم، وأعداه كثيرة من أربع جهات. فإقليم قوص مجاور (١٢) لبلاد السودان، تركنا فيه عسكرا. ثمّ إقليم آخر يسمّى ثغر الإسكندريّة مجاور (١٣) لبلاد المغاربة والإفرنج، تركنا فيه عسكرا كبيرا. وإقليم آخر (١٤) يسمّى ثغر دمياط مجاور للإفرنج أيضا، تركنا فيه عسكرا. ولم نخرج إليكم فى ربع جيوشنا لقلّة اكتراثنا بكم. وكان سعادة القآن كبيرة، فإنّك نلت ما لا ناله أحد (١٦) من جدودك و {كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً} (١٧)

قال المجيرىّ: كلّ هذا أقوله وهو يسمع، ولم يكن بينى وبينه غير حاجب واحد، وهو يسمع كلامى وأعجبه قولى «ونلت ما لا نالته


(٦) خوفا: خوف
(١٠) سهلا: سهل
(١٢) مجاور: مجاورا--إقليم آخر: اقليما اخرا
(١٣) مجاور: مجاورا
(١٤) وإقليم آخر: واقليما اخرا--مجاور: مجاورا
(١٦) أحد: احدا
(١٧) السورة ١٧ الآية ٥٨ والسورة ٣٣ الآية ٦