للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لإبعاده. وربّما تحدّث مع القاضى زين الدين بن مخلوف المالكىّ بسببه، وقال: أنا ما أحمى رجلا كافرا (٢)، -فكان هذا سبب اعتقاله. فلمّا حضر ذلك (٣) اليوم من السجن قامت عليه البيّنة بين يدى الموالى القضاة ممّا يوجب إهراق دمه من تنقيصه للقرآن العظيم والوقوع فى حقّ سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والاستهانة بالعلماء وغير ذلك من تحليل المحرّمات.

وقد كان قبل ذلك أحضر محضرا فى سنة ستّ وثمانين وستّ ماية يتضمّن أشياء قباح لا يليق بنا ذكرها. ثمّ حضروا جماعة أخر، وشهد كلّ واحد عليه شهادة بقول قبيح من أنواع الزندقة، فنعوذ بالله من الخذلان. وكان الشهود فى ذلك الوقت أكثر من ثلاثين نفرا. فعند ذلك حكم القاضى زين الدين المالكىّ رحمه الله بقتله، وإن أسلم لا يقبل منه، وعاد يصيح: يا مسلمين، أنا أشهد أن لا إله إلاّ الله وأشهد أنّ محمدا رسول الله، البعيد كافر وقد أسلم. -فلم يقبل القاضى توبته، وأمر بضرب عنقه فضربه شخص كان يسمّى علاء الدين آقبرس الموصلىّ. وحمل رأسه على قصبة، وسحب بدنه إلى ظاهر باب زويلة. فعلّق هناك. وكان قبل ذلك قد كتب فتوى وهو فى السجن، ونفّذها إلى قاضى القضاة الشيخ تقىّ الدين بن دقيق العيد رحمه الله وساير علما المسلمين فكتب عليها، (١٦) (إن يتوبوا يغفر لهم ما قد سلف (١٧)). فقالوا المالكيّة: هذه الآية نزلت فى حقّ الكفّار إذا رجعوا، ثمّ أسلموا، ثمّ رجعوا، وقتل. ولم تفده الفتوى ولا الإسلام فى ذلك الوقت. وكان الأعزازىّ الشاعر قد عمل فيه يقول <من السريع>:


(٢) رجلا كافرا: رجل كافر
(٣) ذلك: مكرر فى الأصل
(١٦ - ١٧) إن. . . سلف: قارن السورة ٨ الآية ٣٨