للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بما تمّ على أصحابنا بعرض؟ وأين غازان؟ لقد عرّضنا للهوان. فلو كان بهذا المكان، لطلب الأمان، من سيّد ملوك الزمان. ولم يبق منهم إلاّ من ندم وتاب، وأقلع وأناب

فلمّا نظر الله تعالى إلذى ذلّهم وكسرهم، أوحى إلى قلب مولانا السلطان بجبرهم، فحنى عليهم بقلب رءوف، وأجارهم من حتوف السيوف، وعلم أنّ الإيمان من الكفر قد اشتفى، وأنّه قد قدر وعفى <من البسيط>:

شمس العداوة حتى يستقاد لهم ... وأكثر الناس أحلاما إذا قدروا

(٨) وذلك بعد ما استشار الأمرا الكبار. فلمّا علموا الأمرا أنّه داخلته الرحمة، وأنّه رأى إطلاقهم شكران هذه النعمة، أشاروا بإطلاقهم، وفك خناقهم. وذلك عند وقت الهاجرة، ففتحوا وعتقوا تلك الأمّة الفاجرة.

فلمّا علموا أنّهم عادوا عتقا، ومن قبضة بأسه طلقا، صرخوا صرخة عظيمة، وولّوا الأدبار بالهزيمة، ولم يلوى منهم الوالد على الولد، ولم يزل السيف يعمل فيهم إلى آخر يوم الأحد. وعلى الجملة: فإنّه لم يصل إلى بلادهم (١٥) إلاّ النادر، والنادر لا حكم له، والذى وصل لم يقم إلاّ أيّاما وهلك بمرض اعتراه كالوله

وكان فى يوم السبت، وهو أوّل الملتقى، حملت ميسرة التتار-وكان جمرتهم-على ميمنة المسلمين، فكسرت وقتل من أمرا المسلمين بها وأعيانهم


(٨) البيت: بالهامش--شمس: شم، انظر ديوان الأخطل طبع بيروت ١٨٩١ ص ١٠٤.
(١٥) إلى بلادهم: الا بلادهم--حكم: حلم