للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كانت على ساحل البحر. وهاج البحر هياجا عظيما (١). وهدمت أبراج كثيرة عدّة من الإسكندريّة. وهلك جماعة عدّة من الناس تحت الردم عند حصولها فى أوّل حال. ووصلت حتى عمّت أرض برقة وبلاد تونس من المغرب، وصقلّيّة وقابس ومرّاكش. ووصلت إلى بلاد بنى الأحمر المرينيّين. وعمّت السواحل وخرّبت قبرص إلى الأرض، ولم يبقّ بها كنيسة إلاّ القليل. وذلك جميعه حسبما وردت به الأخبار من جميع هذه النواحى بعد ذلك. وكذلك عمّت أنطاكية وأعمالها إلى العلاية وأنطالية وبعض بلاد سيس. ووصلت إلى قسطنطينيّة العظمى

ولبعض الأصحاب فى هذه الزلزلة خطبة جيّدة وهى:

الحمد لله الذى حلم علينا فعفا!

وسامحنا فغفر ما ظهر منّا وما خفا، وجمّلنا بلطفه الجميل إذ أشرفنا على شفا. أحمده على نعمه التى لا يحصى عددها، ولا يعدّ مددها، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده، لا شريك له، إله بلا فأحسن فى بلايه، وقدّر وقضا.

فحكمه نافذ فى أرضه وسمايه. وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله الذى بمولده ظهرت الدلايل، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه صلاة دايمة البواكر والأصايل. أيّها الناس، إنّ المعاصى قد كثر عمّالها. حتى تباهيتم فى أعمالها، وفشت فى ساير الأرض وأعمالها {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ (١٧)} الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها (١٨) فلذلك {زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها} (١٨_) {وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها} (١٩) ولولا رحمة الله علينا لأخرجت الأرض أثقالها


(١) هياجا عظيما: هياج عظيم
(١٨) السورة ٤٧ الآية ٢٤
(١٧) يتدبرون: تدبرون
(١٨_) السورة ٩٩ الآية ١
(١٩) السورة ٩٩ الآية ٣ - -قارن السورة ٩٩ الآية ٢