فى دثور هذه الطريق بالإجماع ومنع السالك منها، فإنّها عادت مضرّة على الديار المصريّة من عدّة وجوه: من تشوير التجّار عن الحقوق الموجبة عليهم بالطرق السلطانيّة من الشأم إلى مصر، ومن تطرّق القاصد والجاسوس من جهة العدوّ المخذول، فإنّه يعبر ويخرج من الديار المصريّة ولا يعلم به
وكان الوالد رحمه الله اجتهد فى حفظ هذه الطريق ومنع السالك منها، وألزم هؤلاء العايد بحفظ أدراكهم فيها. فإنّ السالك فى هذه الطريق لا يقدر يعبر إليها إلاّ بدليل من هؤلاء القبيلة العايد. فإنّها طريق مشقّة ومفاوز، وهى فى التيه ولا لها درب سالك. وإنّما فى النهار يسيرون على رءوس الروابى والآكام، يعرفوها هؤلاء العرب المذكورون، وفى الليل يسيرون على النجوم، ويوردون ماء ويصدرون عن آخر، لا يكاد يبيتون إلاّ على ماء، ولكلّ ماء اسم يعرف به. ما يزيد عن أربعين ماء فى طول هذه المسافة وعرضها. والذين (١٢) يشوّرون فى هذه الطريق أكثرهم-إذا كانوا من الديار المصريّة-يشوّرون من الصعيد بالأصناف النافقة بالشأم مثل الكتّان والشقاق الخام وغيره. فيتوجّهون البعض من إطفيح والبعض من شرونة والبعض من قبال مدينة أسيوط، ثمّ من أخميم، ويخرجون بعد ذلك حيث شاءوا بعد أن يتعدّون قطيا. فمن شا منهم خرج من منزلة الواردة، ومن شا خرج من منزلة العريش أو الزعقة أو رفح وغيرهم فى طول منازل الرمل. فهذا درك عرب العايد إلى عقبة الحجّاج الكبيرة. وأمّا درك الطور وهو طور سينا، فهو على عرب يقال لهم بنى سليمان، ومنهم أدراك بنى عقبة عرب الكرك والشوبك