وفيها كان خروج الوالد-سقى الله تربته-للكشف على عربان بالشرقيّة، وهم ثعلبة وجذام والعايد. وندب صحبته من ديوان الاستيفا القاضى المرحوم مخلص الدين أبو شاكر بن العسّال
وأعرضت العربان بصوة العبّاسة بالأسما والحلى، وسبب ذلك أنّ هؤلاء العربان أمرا ولهم أخباز من جهة السلطنة المعظّمة، وهم عدّة ألف وسبع ماية فارس مستخبزة، ومن تحت أسماءهم قوم يأكلون من غير هذه العدّة يسمّون المحرّمة، وهؤلاء العربان عليهم إقامة خمس عشرة منزلة بمنازل الرمل بالطريق الشأميّة، أوّلها من جهة مصر منزلة السعيديّة وآخرها من جهة الشأم كان فى ذلك الوقت منزلة رفح. وإنّما فى هذا الوقت عند الرّوك الناصرىّ تضوّروا العربان من اتّساع الدرك، فحمل عنهم السلطنة منزلتين، وهما رفح والزّعقة، وصار آخر أدراكهم منزلة تعرف بالخروبة. ويقيمون فى هذه الخمس عشرة منزلة ماية وخمسين فرسا، فى كلّ منزلة عشرة أرؤس برسم البريد المنصور. هذا يختصّ بقبيلتى جذام وثعلبة، وعليهم خفر (١٤) ساير هذه الطرقات إلى عند دار الضيافة التى تحت القلعة مع جبل المقطّم، مقرّر عليهم خفر ذلك من تقادم السنين من أوّل وقت، وعلى قبيلة العايد خفر الطريق البدريّة، وهى الطريق الفوقانيّة بالبرّيّة، عرضها ثمانية أيّام تسلكها التجار المشوّرين عن الحقوق السلطانيّة الموجبة بقطيا.
وهذه الطريق كانت المسلك إلى الديار المصريّة من الشأم أيّام كانت الفرنج ملاّك الساحل. ثمّ لمّا فتح الله تعالى البلاد على يد السلطان المرحوم صلاح الدين الملك الناصر بن أيّوب أوّل ملوك بنى أيّوب ارتجعت الطريق هذه المتقرّة ودثرت هذه الطريق البدريّة. وما برحت الملوك بالديار المصريّة مجتهدين