للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانوا قد اختلفوا على مولانا السلطان كتابا كثير الزور والبهتان.

واجتمعوا له قبل ركوبه بيوم، وكان نهار الجمعة بعد صلاة العصر بدار النيابة، ولم يتخلّف من متخلّف. وكان العبد واضع هذا التأريخ قايما (٣) بينهم، أنظر لفعلهم وشينهم. فضربوا حلقة عامّة لجميع الأمرا البرجيّة البيبرسيّة، والأمرا السلاّريّة. وقرئ ذلك الكتاب المزورّ، الوارد بزعمهم عن ذلك الملك البدر المصوّر. وكان القارئ له بإعلان وإظهار، الأمير بهاء الدين أرسلان الدوادار. وهو يذكر فيه كلاما (٧) يلين الصخور، كالدرّ المنثور، وأنّه قد نزل عن مملكة الديار المصريّة، والبلاد الشأميّة، مع جميع الممالك الإسلاميّة، خلا الكرك المحروس، فإنّه اختار الله تعالى أن يكون جنابها به مأنوس، وقصد بذلك الراحة من التعلّق بمظالم العباد، والتنزّه فى تلك البلاد، وأشار إليهم أن يختاروا من بينهم من يقوم بأمر الملك وسياسة الأمّة، فمن؟ لعلّ أن يكشف الله به تلك الغمّة

فلمّا انتهى قراية هذا الكتاب، الذى كان ثمرة عاقبته ضرب الرقاب، مخضوا بينهم الآرا، وما منهم إلاّ من فى كلامه وارى، فنهض (١٤) البغدادىّ الوزير، السيّئ الرأى والتدبير، حتى عاد عليه ذلك التدبير تدمير، وقال:

ما تقولوا، يا أمرا، فى امرأة حسنا كثيرة العشّاق والطلاّب، طلّقها زوجها بهذا الكتاب؟ فما تجد لها بعده أحدا (١٧) من الخطّاب، فلا بدّ لها من بعل يصونها، وهذا هو عين الصواب. -وافترقوا على هذا الكلام، الذى عاد فى القلب منه كلام، إلى ثانى نهار اجتمع منهم الكبير والصغير، وأجمع رأيهم على تملّك بيبرس الجاشنكير، وما عملوا أنّهم من تلك الساعة قد


(٣) قائما: قايم
(٧) كلاما: كلام
(١٤) فنهض: فنهط
(١٧) أحدا: احد