للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الناصر على عادته، ثم استرجع ودعا للملك المظفّر، -قال: فقلت للأفرم:

عجب إن أفلح صاحبك، -قال: فضحك الأفرم من كلامى. -

ثمّ خرجت الأمرا من الديار المصريّة على البريد المنصور إلى ساير الممالك الإسلاميّة للتحليف، كلّ ناس إلى جهة، وفى تعدادهم طول بغير فايدة. وعلى الجملة فإنّ فى هذاك النهار الجمعة خطب باسم المظفّر فى ساير الممالك الإسلاميّة. وأمّا ما كان من بيبرس الملقّب بالمظفّر، فإنّه ركب يوم السبت سابع الشهر ذى القعدة وعليه الخلعة السودا الخليفتيّة، وأرباب الدولة بين يديه عليهم الخلع

وكان فى أوّل هذه السنة قد عزل سعد الدين بن عطايا عن الوزارة، ووزر ضياء الدين بن النشايى. فكان ذلك اليوم حامل التقليد الخليفتىّ، وهو كيس أطلس أسود، ولست أذكر نسخته، فإنّ قلبى وقلمى لم يطاوعانى أثبت فى تأريخى معانى مفتعلة، ليس لها صحّة بل منتحلة. وإنّما كان فى أوّله يقول (١٣) {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} (١٤) وكان عدّة الخلع ألف ومايتى خلعة. هذا والناس ودّهم لو أخذ منهم أضعاف ما أنعم به عليهم، وأراحهم من نظره، لما حصل فى قلوب العالم من الوحشة، وكان هذا أمرا (١٦) من الله تعالى

وفيها توفّى نجم الدين خضر الملقّب بالملك المسعود بن الملك الظاهر رحمه الله. وتوفى عزّ الدين الرشيدىّ أستادار الأمير سيف الدين سلاّر، وحزن عليه سلاّر حزنا كثيرا (١٩)، وقال: ما أشكّ أنّ سعادتى ماتت بموته، وكان كذلك


(١٣) يقول. . . الرحيم: بالهامش
(١٤) السورة ٢٧ الآية ٣٠
(١٦) أمرا: أمر
(١٩) حزنا كثيرا: حزن كثير