للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النسا والرجال، والصغار والأطفال، وباتوا تلك الليلة على السقايف، وهم لا يصدّقون بالصباح، ليكون صباحهم بذلك الوجه الكريم الوضّاح، وكانت ليلة مشهودة، لم تنظر إلاّ إلى شموع موقودة، وذا يصلح فى بمّه وزيره من عوده، وذا يترنّم فرحا بهذه العودة، وذا يحمد الله على نعمه، وذا يشكره على إزالة نقمه، وذا يرقص طربا لهذه البشارة، حتى الجمادات تعلن بالأفراح إشارة. فيالها من ليلة، ما كان أبركها على العباد، وأبردها على الأكباد! وأصبح الناس على ما هم عليه، من التشوّق والتشوّف إليه. فلمّا كان سابع ساعة من ذلك النهار، وقد فاز المخفون بنظرة فوزا، والطالع آخر الثور وأوّل الجوزا، دخل مولانا السلطان بالسؤدد والخفر، مؤيّدا بالنصر والظفر. وقد حفّته الملايكة زمرا زمر، وضجّت الناس بالدعاء له بالنصر والتأييد، وأن يبلّغه الله كلّ ما يقصد ويريد. وكان هذا اليوم أعظم من كلّ عيد، دقّت فيه البشاير، ودخل فى أيمن طالع وأسعد طاير. فلمّا وصل إلى باب القلعة مدّوا الجسر وفتحوا الباب، وخرج متولّيها السنجرىّ فقبّل التراب (١٥)

فأشار مولانا السلطان، والنور من وجهه قد أشرق: لا أنزل إلاّ بالميدان والقصر الأبلق. -هذا والأمير سيف الدين الحاجّ بهادر حامل الستر الشريف، وقد تشرّف بحمله، وإن كان ثقيلا فقد عاد خفيف. وكان أوّل من شال الغاشية بين يديه الشريفتين، ومشى بها خطوة وميتين، الأمير سيف الدين قطلوبك الكبير. ثمّ دخلوا بعده ساير الأمرا، الكبير


(١٥) وخرج. . . التراب: بالهامش