للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأعطاك، فقلت له ما اختشيت: لا يكن قد أراد ينظر ما عندنا. فإنّ نحن متّهمون عندهم بمناصحة السلطان الملك الناصر. -فقال: والله، يا ابنى، وضع يده على يدى، أجدها أبرد من الرصاص وسمعت أمعاه تقرقر فى بطنه بأذنى. فعلمت أنّه قد داخله الزّمع. فلأجل هذا أبحت له ما كان عندى. -فلمّا كان تلك الليلة نصف الليل ركب وطلب الركاب الشريف الناصرىّ. وهذا كان أكبر أسباب توجّه برلغىّ، والله أعلم

وكان قبل التجاريد والنفقة وإمرة من أمّر من مماليكه وغيرهم قد عقدوا مجلسا، وأحضروا القضاة الأربعة، وقرءوا (٨) الكتاب الذى زعموا أنّه أنفذه مولانا السلطان من الكرك بنزوله عن الملك. فقال القاضى بدر الدين بن جماعة: لا يمكن إثبات هذا الكتاب إلاّ بمن يشهد على لفظه أنّه نزل عن الملك اختيارا لا اضطرارا (١١). وكان الكتاب بخطّ القاضى علاء الدين بن الأثير رحمه الله، وكان قد حضر من الكرك المحروس لمّا سيّر بيبرس إلى مولانا السلطان علاء الدين مغلطاى يت أغلى يطلب منه جميع ما عنده من آلات الملك ويرعد ويبرق. فاتّكل مولانا السلطان على الله عزّ وجلّ وسيّر جميع ما طلبه منه وثوقا منه بالله تعالى واتّكالا عليه. فأمر بيبرس فى ذلك الوقت أن يحضروا لعلاء الدين بن الأثير.

فخرج إليه اليونسىّ وبشّاش، فأحضروه وهو يرعد شبه القصبة لما فعلا به من النكال والتهديد. ثمّ لاقاه تباكز فى سلالم الرواق، وكان الاجتماع بدار النيابة، فقال له: اسمع! والك، والله متى لم تشهد على الملك الناصر أنّه رسم لك أنّك تكتب هذا الكتاب، وأنّه لفظ بالنزول عن الملك! أخرجت


(٨) وقرموا: وقروا--الذى: الذين
(١١) اختيارا لا اضطرارا: اختيار لا اضطرار