للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال له مهنّا: تمهّل على نفسك، فقد ورد علىّ الساعة قاصد من عند الأمير جمال الدين الأفرم يخبر أنّه واصل إلينا. -ثمّ وصل الأمير جمال الدين آخر ذلك النهار، وركب قراسنقر ومهنّا مع جماعتهما والتقوا الأفرم، وتكارشوا وتباكوا وتشاكوا. وقال الأفرم لقراسنقر: أيش هذا التهاون فى أرواحنا؟ اركب بنا وخلّص ذقوننا من الموت والعذاب! فقد وردت علىّ الأخبار من نصحايى (٦) بما يسدّ الآذان ممّا جرى على خشداشنا من أنواع العذاب، وهو لنا فى أيشم النيّات. والله ما يقع منّا له أحد إلاّ ويتنوّع فى تعذيبه قبل قتله. وهذه العساكر قدموا الشأم بسببى وسببك لا غير. وقد عبرت فى طريقى على قلى والملك، وكنت قادرا (٩) على كبستهم وأخذهم أسارى. ثمّ تركت ذلك حتى أنظر ما ترسم به. فإن رسمت سيّرنا العرب من خلفهم ونحن نأتيهم من قدّامهم ونأخذهم أشدّ أخذ. ثمّ نغير على البلاد ونحرق البيادر ونرجع إلى دمشق. فكلّ أمير فيها خايف على نفسه، وما يصدّقوا بنا، وتجتمع كلمتنا بالشأم. ونخرج الأموال، وننفق فى الرجال، وننزل غزّة. فأىّ من خرج من مصر فأسرناه. فقد بلغنى أنّ جميع من فيها خايفين أيضا. ومن لا يرجع إلينا ضربنا معه رأس. ويعطى الله النصر لمن يشا. ونموت على ظهور خيلنا ولا نموت فى العذاب الأليم. - فقال قراسنقر: يامير جمال الدين، لا تستعجل، فقد سيّرت إلى جماعة من الأمرا المصريين، وقد جانى الجواب بما أختار، وهؤلاء العرب فقد هلكوا معنا من السوق والسهر علينا الليل والنهار. وإنما الرأى أن نريح خيلنا ونرجع العرب مع الأمير مهنّا إلى الرحبة، وننزل على مشهد علىّ، ونستغلّ المغل وتشيل العرب مؤنهم، وننظر ما يتجدّد، ففى الليل والنهار عجايب. ونكتب


(٦) نصحايى: نصحاى
(٩) قادرا: قادر