للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للسلطان نعرّفه أن يعطينا البيرة وقلعة الروم. فإن أجابنا قعدنا فيهما إلى <أن> تدركنا آجالنا، ونكون قد أمنّا على نفوسنا، ولا ندخل آخر العمر فى دماء المسلمين. وإن امتنع كان لنا رأى آخر. -ثمّ إنهما عدّيا إلى ذلك الجانب، ورجع مهنّا إلى الرحبة ليستغلّ. وكتبوا مطالعة للأبواب العالية يسألوا أن ينعم عليهما بقلعتى البيرة وقلعة الروم

فبينما هما (٦) فى انتظار ما يتجدّد إذ وصل إليهما عزان السلحدار من عند الملك خدابنداه فى البريد طاير طيران، وصحبته ابن عمّ صاحب ماردين وابن قاضى بغداد، ونسخة اليمين لهم من جهة الملك خدابنداه.

وتحدّث معهما عزان حديثا كثيرا (٩) ممّا حمّله خدابنداه مشافهة ممّا يطيّب خواطرهم ويستميلهم ويرغّبهم. وكان أيضا قد وصل إليهما الأمير بدر الدين الزردكاش من دمشق، خرج الظهر منها، والنايب بها يومئذ جمال الدين نايب الكرك

قلت وممّا أحكيه ما شاهدته بالمعاينة لا بالإخبار: إنّ كان الوالد سقى الله عهده إذ ذاك مهمندارا بالشأم، وقد انفصل من شادّ الدواوين بالسبب المذكور. فلمّا كان فى ذلك اليوم الذى خرج فيه الزردكاش طلب الأمير جمال الدين ملك الأمرا للوالد رحمه الله بعد الخدمة. وقال له:

يا جمال الدين، أنت قرناص ومملوك مصر، ولا تخفى عليك أحوال من يريد حركة. وقد بلغنى أنّ الزردكاش بيقصد الخروج من دمشق واللحوق بصهره الأفرم. فأشتهى منك تروح إليه فى حجّة شى تدبّره بعقلك


(٦) هما: هم--عزان: يرد كذلك مرات بعد سطور، ولعله غزان
(٩) حديثا كثيرا: حديث كثير