للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا وجيوشه قد عادوا فى غاية الضعف من الجوع والقلّ. وكان قد نزل على الرحبة وضرب عليها سبع حلقات، وشرع فى حصارها، وقلّت عنده الأقوات، حتى عادوا يعلّقون على دوابّهم ورق الكروم وحصل لخيلهم مرض الطابق. فرجع أكثرهم هاربين بغير دستور منه حسبما (٥) نذكر من ذلك، إن شاء الله تعالى. فلمّا رأى أنّه فى غاية الضعف، وأنّ الأخبار قد وردت عليه أنّ الجيوش الإسلاميّة فى غاية القوّة {نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ} (٧) ولم يلو على من خلفه ولا على من بين يديه

وكان أوّل الجيوش الإسلاميّة لمّا قبضوا نفقاتهم توجّهوا إلى نحو الشأم بالعدّ والعديد، وقلوب أقوى من الحديد. فوصل أوايلهم إلى غزّة مستهلّ شهر رمضان المعظّم، واستمرّت الجيوش تتحدّر انحدار السيول.

وقد ملأوا بكثرتهم الحزون والسهول، إلى مستهلّ شهر شوّال المبارك.

والركاب الشريف قد نزل على منزلة الصالحيّة من الديار المصريّة.

فوردت الأخبار بهروب التتار، ونكوصهم على أعقابهم طالبين الديار.

فضرب مولانا السلطان مشورا مباركا مع الأمرا الكبار. فاجتمع الآرا المباركة على التوجّه إلى الشأم المحروس، والنزول بدمشق المحروسة، ليكون ذلك أكثر إرهابا للعدوّ المخذول. فتوجّه نصره الله على أعدايه المتمرّدين، نصرا عزيزا إلى يوم الدين، طالبا للشأم المحروس، لتطمئنّ بقدوم ركابه الشريف النفوس. فدخل إلى دمشق المحروسة يوم الثلاثا ثالث وعشرين شوّال، ونزل بالقلعة يوما واحدا (١٩)، وانتقل إلى القصر الأبلق بالميدان الأخضر، ليأخذ كلّ منهما حظّه بحلول ركابه الأخضر. وفرّق العساكر فى أقطار الشام، مدّة إقامة ركابه الشريف فى تلك الأيّام، بنواحى الروحا


(٥) حسبما. . . تعالى: بالهامش
(٧) السورة ٨ الآية ٤٨
(١٩) يوما احدا: يوم واحد