للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لإصطبل الأمير سيف الدين بهادر آص. وحضر بدر الدين ليقبض المبلغ من الخزندار. فلمّا وزن له المبلغ قال له الخزندار: خشداش، حطّ البركة! - قال: فقسم المبلغ نصفين، فأخذ ستّ ماية وترك ستّ ماية، والخزندار يتفرّج فيه، وقال: يا خوند، هذه البركة. -فضحك الخزندار وظنّه أنّه بيلعب، فأخذ تلك الستّ ماية وخرج، ركب فرسه وأتى منزله. فطلبه الخزندار فلم يجده.

فتعجّب منه ودخل إلى الأمير وهو جالس فى الدهليز على عادته، فقال:

يا خوند، اشترينا هذا البغل من جندىّ مجنون، -وأحكى للأمير حكايته.

فرسم بطلبه فلم يجدوه، فطلبوا الدلاّل وطلبوه الدلاّل وطلبوه منه. فأحضره، فقال له الأمير: يا كردىّ، أنت عاقل أو مجنون؟ -فقال: لا والله، لولا أنا عاقل ما وصلت إلى الأمير. -فقال: الناس إذا طلبوا منهم البركة يطّوا خمس ستّ دراهم والنادر عشرة الدراهم. -كيف حطّيت ستّ ماية درهم؟ - فقال: الله يحفظ الأمير، هذا البغل رأس ماله علىّ (١٢) ستّ ماية درهم، شريته جحشا (١٣) وربّيته وكسبت فيه ستّ ماية درهم. فلمّا طلب منّى مملوك الأمير البركة، ما كان لمثلى أن يقابل الأمير إلاّ بهذا. ولو علمت أنّ الأمير يقبله بغير ثمن ما أخذت شيئا (١٥). -ونظر إليه الأمير فوجده رجلا فحلا. فأعجبه، فأخلع عليه. وعاد فى خدمته حتى خلت قلعة الصبيبة. فتحدّث له مع ملك الأمرا جمال الدين الأفرم فولاّه الصبيبة فقام بها أتمّ قيام. ثمّ خلت الرحبة، فنقل إليها، فاستمرّ بها إلى هذا التأريخ. فلمّا حلّ الركاب الشريف إلى دمشق حضر إلى بين يدى المواقف الشريفة. وشكر له هذا التدبير، وأنعم عليه مولانا السلطان بإمرة ماية فارس وتقدمة ألف. ولقد نظرته


(١٢) على: عليه
(١٣) جحشا: جحش
(١٥) شيئا: شى--رجلا فحلا: رجل فحل