للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يحفظ القآن، والله هذه فى قبضتك، وجميع من فيها رعيّتك، وهم مسلمين. وفى مثل هذا الشهر الشريف قد بلغنى أنّ امرأة (٢) فيها كانت جالسة تطبخ وفى حضنها صغير ترضعه فجاها زنّار أخرقها وأخرق ابنها وقدرتها، وأنّ أيضا الجامع جميعه انهدم من المنجنيق، والقآن-الله يحفظه-مسلم ويحبّ المسلمين. وهذا كلّه جرى ولا يجسر أحد يخاطب القآن. وارسم بسنجقك يطلّعوه ويدخلوا تحت الطاعة. -فقال: إن فعلوا ذلك رحلت عنهم. -فأنفذت إلى الأمير بدر الدين تعلمه بذلك. وسيّروا السنجق فأعلوه على القلعة وفتحوا الباب، ونزل القاضى، وأحضروا تلك المرأة وولدها التى أخرقها الزنّار وقدّموها بين يديه. فبكى لمّا رآها. وسيّر خلعة للأمير بدر الدين بن الأزكشىّ، ولبسها وقبّل له الأرض وما بين عقب السنجق. ثمّ إنه أجلس القاضى وتحدّث معه ورسم له بأربع ماية دينار لعمارة ما انهدم فى الجامع. ورحل من ساعته وأودع جميع الآلات من المناجيق وغيرها فى الرحبة، وهو يظنّ أنّها عادت له. فهذا كان سبب رحيله. -هذا جميعه حديث الأمير بدر الدين بن الأزكشىّ للأمرا، وأنا أسمع

وكان هذا بدر الدين بن الأزكشىّ فى أوّل حاله جنديّا كرديّا (١٦) من حلقة دمشق نازلا (١٧) بالصبيبات بظاهر دمشق، قدّمه كرمه وسماحة نفسه، وكان سبب تقديمه الأمير سيف الدين بهادر آص. وذلك ما حكوه للمملوك جماعة الدماشقة:

إنّ هذا بدر الدين نزل يبيع له بغلا (١٩)، فأباعه بألف ومايتى درهم نقرة. فاشترى


(٢) امرأة: مره
(١٦) جنديا كرديا: جندى كردى
(١٧) نازلا: نازل-- بالصبيبات: بالقبيات
(١٩) بغلا: بغل