للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كأفواه القرب. ثمّ جاهم بعد ذلك سيل عظيم من شرقيّها حتى لطم البلد وسورها، فاقتلع من السور برجا عظيما. ثمّ احتمله وجرّه على وجه الأرض فى الماء واستصحب معه بدنة من بدنات السور وحذفهما مقدار خمس ماية ذراع، وتفسّخ البرج وكان دوره أربعين ذراعا. ثم دخل السيل الجامع حتى وصل القناديل، وغرّق كلّ من كان فيه. وإنّ ابن الشيخ الحريرىّ طلع إلى المنبر فانقلب به وغرق. وأخرب السيل الحايط الشماليّة، ولم يسلم من الذين كانوا بالجامع غير إنسان واحد، حمله الماء إلى رأس عمود كان هناك، فتعلّق به فنجا. وأخرب تقدير خمس ماية دار ما عاد عرفت ولا أساسها. وهذا ما اختصرته من هذه الكاينة

وذكر أيضا أهل الصعيد بمصر أنّ فى هذه السنة أيضا أنت إلى أسوان ريح سودا منتنة الرايحة فأهلكت ما ينيف عن ألف نفر نسا ورجال وأطفال

وورد أيضا الأخبار أنّ فى هذه السنة أتت ريح عاصفة بساحل عين تاب على روق تركمان، كانوا نزولا (١٤) بها، احتملت بقرهم وغنمهم وخراكهم (١٥) وعلّقتهم ما بين السما والأرض، ثمّ مزّقتهم تمزيقا مع عدّة من النساء والأطفال من أولاد التركمان حتى إنّ صاجات النحاس التى يعملوا عليها الرقاق لمّا نزلوا وجدوهم وقد تطوّوا على بعضهم البعض لعظم ما عصفت بها الريح. فلله الأمر وله الحكم والتدبير {وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (١٨)

وفيها كان تجريدة إلى السودان ببلاد النوبة وعيذاب وإلى الحجاز


(١٤) نزولا: نزول
(١٥) خراكهم: كذا فى الأصل، ولعل المقصود جمع كلمة «خركاه» --تمزيقا: تمزيق
(١٨) السورة ٦٧ الآية ١ وفى سور أخر.