للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأموال، وراح له شى كثير مع التجّار الإفرنج، فإنّه كان يودعهم الأموال العظيمة، وكان نيّته الهروب إلى بلاد الإفرنج فى تلك السنة التى مسك فيها، فلم يمهل. فإنّه كان قصد أن يدخل الجزاير مرّة فى مرّة من ثغر الإسكندريّة، فلم يمكنه ذلك لما فى الثغر من الاحتراز. فحسّن لمولانا السلطان تلك السنة أنّه يتوجّه يعمّر اللاذقيّة، ويجعلها مينا كإسكندريّة، وكان نيّته غير ذلك، وأن يتوجّه منها إلى الجزاير ببلاد الإفرنج. فعاجله مولانا السلطان وقبض عليه بقوّة سعده، زاده الله من فضله، وانقطع خبر كريم الدين الكبير حتى كأن لم يكن. فسبحان الدايم الذى لا ينقطع، وارث الأرض ومن عليها، الذى هو كلّ يوم فى شأن (٩)

وفيها حجّ القاضى فخر الدين ناظر الجيوش المنصورة، وعاد فى السنة الأخرى ثالث المحرّم، ولم يرا أسرع من عودته

وفى شهر شعبان رسم بحفر الخليج الناصرىّ إلى سرياقوس

وفيها حضر الأمير بدر الدين بكمش الظاهرىّ وبدر الدين أبو غدة (١٣) من بلاد بركة، فإنّه كان توجّه فى سنة ثلاث وعشرين وسبع ماية. فحضر صحبتهما رسل من الملك أزبك وصحبتهم هدايا حسنة

وفيها حضرت رسل الملك أبى (١٦) سعيد، وصحبتهم هديّة أبى سعيد، وذلك يوم الاثنين ثامن ذى الحجّة، وهى عدّة قطر بخاتىّ مزيّنة ملبسة وعليها صناديق بجلود بلق، وخيل مسرجة بعددها وهديّة حسنة. وهذا شى ما عهد قط أن تسيّر ملوك المغل مثل هذه الهديّة، فالحمد لله الذى أيّد الملّة المحمديّة، والحمد لله الذى اختصّ سلطاننا بهذه الفضيلة، وأفرده بهذه الموهبة الجزيلة، والحمد لله على هذه النعمة التى أوفت على


(٩) هو كل يوم فى شأن: قارن السورة ٥٥ الآية ٢٩
(١٣) وبدر الدين أبو غده: بالهامش
(١٦) أبى: ابو.