للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النعم، واستغرقت مدى (١) الأفضال والكرم، فأدام الله أيّام دولته، ولا قلّص عنّا ظلّ نعمته!

وفيها حضر ملك التكرور طالبا للحجاز الشريف، واسمه أبو بكر بن موسى. وحضر بين يدى المواقف الشريفة وقبّل الأرض. وأقام بالديار المصريّة سنة حتى توجّه إلى الحجاز. وكان معه ذهب كثير، وبلاده هى البلاد التى تنبت الذهب. وسمعت القاضى فخر الدين ناظر الجيوش المنصورة يقول: سألت من ملك التكرور: كيف هى صفة منبت الذهب عندهم؟ -فقال: ليس هو فى أرضنا المختصّة بالمسلمين، بل فى الأرض المختصّة بالنصارى من التكرور، ونحن نسيّر نأخذ منهم صفة حقوق لنا موجبة عليهم. وهى أراضى مخصوصة تنبت الذهب على هذه الصورة: وهو قطيعات صغار مختلفة الهندام، فشئ شبه الحليقات الصغار، وشى شبه نوى الخرّوب ومثل ذلك. -قال القاضى فخر الدين:

فقلت: فلم لا تغلبوهم على هذه الأرض؟ -فقال: إذا غلبناهم وأخذناها منهم لم ينبت شى. وقد فعلنا ذلك بطرق (١٤) عديدة، فلم نرا فيها شيئا.

فإذا عادت لهم نبتت على عادتها. وهذا الأمر من أعجب ما يكون. ولعلّ هذا لزيادة فى طغيان النصارى. -ثمّ إن ملك التكرور وأصحابه اشتروا من القاهرة ومصر من ساير الأصناف. وظنّوا أنّ مالهم لا ينفد. فلمّا استغرقوا فى المشترى ووجدوا أصناف هذه الديار لا لها حدّ يحدّ، وكلّ يوم ينظروا شيئا (١٩) أحسن من شى نفد ما كان معهم، واحتاجوا للقرض.

فأقرضهم الطمّاعة من الناس رجا الفايدة الكبيرة فى عودتهم. فراح جميع


(١) مدى: مدنى؟؟؟
(١٤) بطرق: طرق--شيئا: شى
(١٩) شيئا: شئ