للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا بعجوز قد تمثّلت بين يديها وقالت: يا ستّاه، بلغ الوقت. -قال:

فنهضت. وقالت: أستودعك الله، أبا عبد الله، والمسئول من إحسانك عدم المعاودة، فما لنا عادة أن يعود إلينا <أحد> ثانيا قطّ. -قال:

فقبّلت يدها، وأنزلونى من مكان طلعت منه. وأتيت إلى منزلى وأنا كالنايم الذى رأى جميع ذلك فى الأحلام. قال: فما هجعت إلاّ قليلا (٥).

وإذا برسل أمير المؤمنين ينبّهونى وقالوا: أجب، أبا محمد! -فأتيت إلى المأمون، فقال: يا إسحق، ما كان قولى لك؟ -فقلت: أحسن الله إلى أمير المؤمنين، لقد علمت أن أمير المؤمنين إذا صار فى قصوره استغرق فى لذّة وسنة، فلا يعود. وكان عندى جارية عذراء وأنا مشغوف بها. فتوجّهت حتى قضيت الملامة. -فقال: أوبقى لك عذر آخر؟ -فقلت: كلاّ، يا أمير المؤمنين. -فقال: أقم اليوم والليلة، فإنّى على عزم الصبوح. -فقلت:

حبّا وكرامة. -قال: فلمّا كان الوقت الذى يقوم فيه المأمون ويدخل إلى قصوره نهض وقال: إسحق، لا تبرح! -فقلت: حبّا وكرامة.

يا أمير المؤمنين. -قال: فما هو إلاّ أن توارى عنّى. -فتذكّرت بارحتى وما كنت فيها. قال: فحملنى ذلك على المخالفة وخرجت

فلم أزل إلى أن وقعت على الزنبيل، فجلست ورفعت. فقلن لى الجوارى: ما أنت صاحبنا البارح؟ -قلت: جعلت فداكم، أنا هو، وهذه الليلة لا غيرها. وكنّ الجوارى قد استملحننى فنزلن بى. -فلمّا حضرت الجارية قالت: أبا عبد الله، مخالفة واستجراء؟ -فقلت: كلاّ والله! وإنّما رقّ وعبوديّة، ولست بعايد بعدها أبدا. -قال: فجلست


(٥) قليلا: قليل