للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجلست، وأحضرت الموايد على الرسم والعادة. ثمّ أحضر الشراب فشربنا. ثمّ تناولت العود وقالت: اسمع تلحين إسحق، حيّا الله إسحق، والشعر لأبى الشيص! -ثمّ أنشدت تقول <من الطويل>:

تقول غداة البين إحدى نسابهم ... لى الكبد الحرا و <أنت> لك الصبر

وقد خنقتها عبرة فدموعها ... على خدّها بيض وفى نحرها صفر

قال: فحصل لى من الطرب ما لا عليه مزيد، مع كثرة تعجّبى لحسن علمها بألحانى وصناعتى، حتى لم تخلّ بدقّة واحدة. فقلت:

يا ستّاه، لقد سمعت جارى يحكى عن إسحق أنّ من جملة تلحينه أبياتا حسانا (٩)، وله فيها صناعة جيّدة. -فقالت: أتحفظها؟ أنشدها! -فأنشدتها <من الطويل>:

قفى ودّعينا، يا مليح، بنظرة ... فقد حان منّا، يا مليح، رحيل

أليس قليلا نظرة إن نظرتها ... إليك وكلاّ ليس منك قليل (١٢)

عقيليّة أمّا ملاث (١٣) ... إزارها

فدعصص وأمّا خصرها فنحيل

فيا جنّة الدنيا ويا غاية المنى ... ويا سؤل نفسى، هل إليك سبيل

أراجعة نفسى إليك فأغتدى ... مع الركب لم يكتب علىّ فتيل

فما كلّ يوم لى بأرضك حاجة ... ولا كلّ يوم لى إليك رسول (١٦)

فقالت: شعر حسن لو سلم من التعريض فيه بما منال الثريّا دونه، ولكن اسمع شعر بنت الأعرابية تلحين إبراهيم أبى (١٨) إسحق، حيّا الله إسحق! - وأنشدت <من الطويل>:


(٩) أبياتا حسانا: ابيات حسان
(١٢) انظر شرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١٣٤٠
(١٣) ملاث: ملأت، انظر شرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١٣٤١
(١٦) انظر شرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١٣٤٢
(١٨) أبى: ابو