قال: فو الله لقد خيّل إلىّ أنّ المكان والحيطان ترقص رقصا، وغبت عن وجودى. فبينا نحن كذلك إذ هجمت العجوز فقالت: يا ستّاه، قرب الوقت. -فنهضت وقالت: مصحوبا بالسلامة واحذر المعاودة. - فقلت: يا ستّ، عن إذنك، أبدى كلاما. -فقالت: ما هو؟ -فقلت:
إنّ جارى الذى حدّثتك حديثه أخبر خلق الله تعالى بشعر اسحق وتلحينه وحكاياته ونوادره. فإن أذنت استصحبته ليلة غد، فترى عجبا. ثمّ إنّنا لا نعود أبدا. -فقالت: لقد شوّقتنى إلى صاحبك. فقد أذنت لك فى حضوره
ثمّ إنى نزلت من حيث طلعت، وأنا أشدّ الناس فرحا بإجابتها. فإنّنى تحقّقت أنّ المأمون سيكون لى معه شأن من الشأن ما لم أصدقه الحديث.
فإذا صدقته طالبنى بالمشاهدة لذلك. وقلت: ما ينجينى منه غير حضوره معى، وقد أتقنت أمره
قال إسحق: فلم أغمض فى منزلى إلاّ ورسل أمير المؤمنين قد أخذونى سحبا كغير ما كنت أعهد. فدخلت عليه، فإذا هو جالس جلسة الغضب، ومسرور قايم بين يديه. فلما رآنى قال: إسحق، هذا آخر أيامك من الدنيا وأول أيامك بالآخرة. -قال، فقوّيت نفسى وقلت: بل وحياة أمير المؤمنين، أوّل أيامى من الدنيا مع الإقبال علىّ من أمير المؤمنين وحسن