الجايزة العظيمة القدر، ورضى أمير المؤمنين على عبده. -فقال: أو على المعصية والمخالفة يكون الرضى والإقبال وحسن الجايزة؟ -فقلت: بل على صدقى فى حديثى، وفيه لمولانا أمير المؤمنين أوفر حظّ من اللذاذة (٣). - فقال: خلوا عن أبى محمد! وخلا بى. -فحدّثته الحديث من أوّله إلى آخره إلى حين قولها لى «احذر المعاودة» فقال: ويلك يا إسحق، ولا عدت تقدر على الرجوع والعودة وأنا معك؟ -فقلت: بلى والله، يا أمير المؤمنين! -ثمّ كمّلت حديثى وإتقانى الأمر معها فى حضور صاحبى وجارى معى إليها. فقال: الويل لك، لو لم يكن هذا منتهى كلامك! فاجلس بنا بياض هذا اليوم، نشرب على لذّة هذا الحديث. -قال:
ثمّ لم نزل كذلك وهو يقول: كرّر علىّ الحديث يا إسحق إلى الليل! - فعاد كلّما مرّ من الليل دقيقة طالبنى بالتوجّه وأنا أنظره إلى حيث ما علمت جواز الوقت
فقمت وقام معى وهو لا يكاد يصدّق. فلم نزل نمشى إلى ذلك المكان.
وإذا زنبيلين مدلاّة. فجلست فى الواحد وجلس المأمون فى الآخر، ورفع بنا.
ثمّ نزلنا وجلسنا وجلست أنا فوقه وقلت: دع نفس الخلافة فى هذا الوقت! - فما استقرّ بنا الجلوس حتى خرجت كالطاووس الذكر بين أترابها وجواريها. فنهضنا لها، فقالت: مرحبا بضيفنا الجديد! وإنّما أنت عدت صاحب محلّ. -فشكرنا لها ودعينا. وأمّا المأمون فإنّه لما رآها اختبل فى عقله فلكزته، ففهم منّى فاستحضر جأشه. ثمّ جلسنا فقالت: أبا عبد الله! - فقلت: نعم. -فقالت: ما أنصفت صاحبك كونك أجلسته دون مجلسك. فهذا ضيف بخلافك. -فقمت وأجلسته فوقى. ثمّ أحضرت