للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتبقى حزازات النّفوس كما هيا، فدعّوا بعصيّ الدّعاوى ظهور العصاة، فقيل لهم: لو كنتم بين أفاعي الهوى وعقارب اللذّات، لبات سليمكم سليما، فأبوا للجرأة إلاّ جرّ جرير الدّعاوى، وحدّثوا أنفسهم بالتّقا والتّقاوى، فقيل لهم: نقّبوا عن نقبائكم، وانتقوا ملك الملكوت، فما رأوا لمثلها مثل هاروت وماروت، فابا لسفر البلايا ليله، فما نزلا حتّى نزلا من مقام العصمة، فنزلا منزل الدّعوى، فركبا مركب البشريّة، فمرّت على المرين امرأة يقال لها: الزّهرة، بيدها مزهر زهرة الشّهوة، فغنّت الغانية بغنّة أغنّ، فرنّت فتاب الهوى، فهوى الصّوت في صوب قلب قلبيهما <فقلبهما> عن تقوى التّقويم، فانهار بناء حزم هاروت، ومار همّ حزم ماروت، فأرادها على الرّدا فراوداها، وما قتل الهوى نفسا فوداها، فبسطت نطع التّنطّع، وإمّا أن تشركا، وإمّا أن تقتلا، وإمّا أن تشربا. فظنّا سهولة الأمر في الخمر، وما فطنا. فلمّا امتدّ ساعد الخلاف فسقا، فسقا، فدخلا سكك السّكر، فزلاّ في مزالق الزّنا، فرآهما مع الشخصة شخص، فقتلاه.

ففشت فتنتهما في فئة الملائكة. فاتّخذوا لتلك الواردة وردا، من تضرّع {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ}.