{تُرابٍ}، فكيف الجمع بين هذه الآيات؟ فالجواب: إنّ الألفاظ وإن اختلفت فالمعاني قد اتّفقت، لأنّه كان أوّلا ترابا ثمّ صار حماء، ثمّ جفّ فصار صلصالا أو صلصلا، والصّلصلة الصوت كان ينقر فيطنّ ويسمع له صوت؛ واللازب: اللاصق، والحماء المسنون: المتغيّر المنتن، والسّلالة:
القليل ممّا ينسلّ، وآدم استلّ من الأرض.
فإن قيل: فلم خصّ بالتراب خلقه؟ فالجواب: لتكمل به الاستقصّات الأربع، فتجتمع فيه الطبائع الأربع المختلفة. ولم يكن قبله خلق من التّراب، بل من النار والماء والريح.
وذكر الحافظ أبو القاسم في تاريخ دمشق عن سعيد بن جبير، قال:
خلق الله آدم من دحنا ومسح ظهره بنعمان السّحاب. وأخرج ابن سعد بمعناه، فنذكر أرضا يقال لها: دحنا. قلت: لعلها الدهناء، فإنّها أرض معروفة بالسعة. وأمّا (أن) نعمان، فقد ذكرنا جبلي نعمان في باب الجبال في الجزء الأوّل منه.
وقال الحافظ أبو القاسم أيضا: في حديث الحسن البصريّ أنّه خلق جؤجؤة من نقا ضريّة، ومعناه: صدره من رمل ضريّة، وهي منزلة بطريق مكّة من ناحية البصرة واليمامة. وكذا روى ابن سعد عن الحسن.