مقاتل. والأوّل أظهر لوجهين، أحدهما: لأنّها تمام الخلق ومنتها الأشدّ، ولهذا لم يبعث الله نبيّا إلاّ بعد أربعين سنة، قاله السّدّيّ. والثاني: لتدور عليه الأفلاك بالنجوم السبعة {فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً}، فتستحكم أجزاؤه ويكمل خلقه. وقال بعضهم: أمطر عليه الحزن أربعين سنة، والسّرور يوما واحدا.
وقد نصّ ابن عبّاس على أربعين سنة، فقال: خمّر الله طينة آدم قبل التصوير أربعين سنة.
واختلفوا أين صوّره، قال ابن عبّاس: في السّماء على باب الجنّة، المدّة التي ذكرها. وقال السّدّيّ: ألقاه بين مكّة والطائف، وكان إبليس إذا مرّ به فزع وضرب برجله فيظهر له صوت وصلصلة فيزداد فزعه. قال مقاتل: كان يدخل في فيه ويخرج من دبره ويقول: لأمر ما خلقت، ولإن فضّلت عليّ لأهلكنّك. قال مسلم ابن الحجّاج بإسناده عن أبيّ بن كعب وأنس بن مالك عن النبيّ صلى الله عليه وسلّم، قال:«لمّا صوّر الله آدم تركه ما شاء أن يتركه، فجعل إبليس يطيف به وينظر إليه، فلمّا رآه أجوف عرف أنّه خلق لا يتمالك». وقد روي أنّه وكّل به ملك الموت أربعين سنة ثمّ أربعين سنة ثمّ أربعين سنة، حتّى استحكم في مائة وعشرين سنة، فلذلك تقول الأطبّاء:
إن العمر الطبيعيّ مائة وعشرون سنة.
فإن قيل: فقد قال الله تعالى في موضع {مِنْ طِينٍ لازِبٍ}(٢١) وفي موضع آخر {مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخّارِ} ومن {حَمَإٍ مَسْنُونٍ} و {مِنْ}