اليهود أرادوا امتحان (٢٤) النبيّ صلى الله عليه وسلّم بذلك، فكان سكوته عن الجواب من إمارات معجزاته، لأنّهم قالوا: إن أجاب فليس بنبيّ. والثاني: أنّه لا يسعنا أن نقول: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم، لم يعلم سرّ الروح، مع قوله، عليه السلام:
أورثني علم الأوّلين والآخرين، وكان معناه: إنّني لا أخبر من ليس بأهل عن هذا السرّ، كاليهود. أمّا من هو أهل العلم، فنعم، لئلا يقع التناقض بين الآية والحديث.
وإنّما قالوا: إنّه لا داخل ولا خارج ولا متّصل ولا منفصل، لأنّ الدخول والخروج والاتّصال والانفصال من صفات الأجسام، وهو ليس بجسم.
وقال أحمد بن حنبل بإسناده عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إنّ الله خلق آدم على صورته، طوله ستّون ذراعا، وقال له: اذهب فسلّم على أولائك النّفر من الملائكة وهم جلوس، واسمع ما يجيبونك، فإنّها تحيّة ذريّتك. فجاء، فسلّم، فقالوا: وعليك السلام ورحمة الله.
فزادوه: ورحمة الله. فكلّ من يدخل الجنّة على صورة آدم وطوله؛ فلم يزل الخلق ينقص بعد ذلك». أخرجاه في الصحيحين.
ومن تاريخ جدع بن سنان رحمه الله: لمّا خلق الله الروح، وأمرها أن تكون في فخّارة آدم، فنظرت مكانا حرجا ضيّقا، فقالت: يا ربّ، أهذا سجن لي وعذاب؟ فيما أستحقّ ذلك، وأنت العدل الذي لا تحبّ الظلم؟ فقال الله تعالى: «وعزّتي وجلالي، لم أخلق خلقا هو أعزّ عليّ من هذا المخلوق، وإنّك لتنعمي بنعمة في جناني بطاعته لي، وتشقي بشقاه