للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عزّ وجلّ إليه: {أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاّ مَنْ قَدْ آمَنَ} فحينئذ يأس منهم. (٥٣) فدعا عليهم وقال: {رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيّاراً}.

فأمر بعمل السفينة. وقطع الله تعالى عنهم النّسل، فما عاد يلد لهم ولا لمواشيهم. وأكثر فيهم القحط وقلّل العمارة وقطع المطر وعادون يستسقون بأصنامهم فلا تنفعهم. وأخذ نوح في عمل السفينة، وكانت من خشب الساج، أقام يقطع خشبها ويكسره ويصلحه ألواحا في مدّة ثلاث سنين. وطبع المسامير وأصلح جميع ما احتاج إليه. ونصبها في رجب، وجعل طولها ثلاثمائة ذراع وعرضها خمسون ذراعا، وتلك الأذرع سوداء.

وجعل عمقها سبعون ذراعا.

ويقال: إنّه لم يدر كيف يعملها، فأتاه جبريل، عليه السلام، فعلّمه كيف يصنعها. فصاروا يمرّون به وهو يصنع الفلك، فيضحكون منه ويسخرون به ويرمونها بالحجارة. وجعل بابها في جنبها. فأقامت بعد عملها على البرّ سبعة أشهر، إلى أن أخذوا المئة نفر ممن كانوا آمنوا بنوح، فذبحوا للأصنام لترفع عنهم القحط وما هم فيه من البلاء، فحقّ عليهم العذاب.

فأمر نوح عند ذلك أن يحمل معه في السفينة {مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ}