للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا خازن هذا الهرم الثالث صنما صغيرا من حجر، المهمد على قاعدة منه. من نظر إليه اجترّه حتّى يلصق به، فلا يفارقه حتّى يموت.

قلت: ومن العجب في ذلك أنّي وجدت في هذا الكتاب القبطيّ يقول: إنّ سوريد الملك، لما أخبروه منجّموه، أن لا بدّ بعد تلك الآفة المائيّة من آفة ناريّة، وقدّروا له الوقت الكائن فيه، صنع في الأهرام أزجا معقودا مبنيّا بالحكم العويصة، ووصله بالنيل حتّى دخل إليه الماء. وحمل ذلك إلى الجبل بأطراف صعيد مصر، وهو ما بين صفحتي الجبل الغربيّ- هكذا يقول في هذا الكتاب القبطيّ-ليكون ذلك حرزا لهم من تلك الآفة الناريّة.

فو الله لم أرا أعجب من هذا الكلام، ودليله أنّ في البهنسا انخسف خسفا في الجبل المجاور لمدينة البهنسا. وكان الوالي يومئذ عليّ بن قيصر العلاليّ، فنزلوا إليه فوجدوه أزج معقود بين صفتحي الجبل جميعه فساقي ماء عذبا من ماء النيل، وهم عدّة فساقي متداخلة في بعضها البعض، ليس منهم إلاّ بقدر ما يمشي عليه الرجل، وليس لهم انتهاء بين صفحتي ذلك الجبل. وربّما مشوا فيهم اليوم واليومين ولا انتهوا إلى آخرهم.