للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتقول القبط، فيما يزيدون (١١٢) في تعظيمه: إنّ النّمرود لمّا استزاره وجّه إليه أن يلقاه منفردا من أهله وحشمه بموضع كذا. وكان ملتقاه له بأصناف السحر. فلمّا التقاه النمرود، أقبل كلكن الملك على أربعة أفراس تحمله، ذوات أجنحة، وقد أحاط به هالة من نور كالنار، وحوله مشوّهة هائلة المنظر، من رآهم لا يملك نفسه فرقا، وهو متوشّح بتنّين محتزم ببعضه، والتنّين فاغر فاه، وبيد الملك قضيب آس أخضر، كلّما رفع التنّين رأسه ضربه بذلك القضيب. فلمّا رآه النمرود في هذه الصورة، هاله أمره وأعظمه، فخاطبه وهو كبير الوجل منه، واعترف بجليل قدره وعظيم حكمته، وسأله أن يكون له ظهيرا.

وتقول القبط: إنّ كلكن كان أعظم الملوك من بعد البودشير، ثمّ إنّه استتر عنهم مدّة، حتّى توهّموا أنّه هلك لكثرة جولانه في سائر بقاع الأرض، حتّى طمع الملوك المجاورة له في ملكه. فقصده ملك من ملوك الغرب، يقال له: ساروم بن بيدوم في جيش عظيم، وأقبل من نحو وادي هيت.

وبلغ أهل مصر ذلك، فخافوا خوفا شديدا لغيبة كلكن عنهم، وليس لهم ملك يرجعون إلى تدبيره. فلم يشعر ذلك الجيش العظيم إلاّ وقد ركبتهم غمامة حمراء شديدة الحرارة، وغشيتهم حتّى عادوا لا يعلمون أين يتوجّهون. ونشف جميع ما كان معهم من ماء، وزاد بهم الحرارة، فهلكوا بأجمعهم مع سائر دوابّهم.