وظهر كلكن بمصر، وعرّفهم أنّه أهلك عدوّهم، من غير أن يعينهم لقتال ولا حرب. وأمرهم بالخروج إليهم ليعرفوا حقيقة أمرهم. فخرجوا، فوجدوهم أموات بأجمعهم ودوابّهم في قاع واحد. فعرف الناس له ذلك وهابوه سائر الملوك وهابته الكهنة هيبة لم تهب قبله ملكا قطّ. وصوّروا صورته في جميع الهياكل.
وملكهم زمانا طويلا، وبنا في آخر عمره هيكلا لزحل من صوّان أسود، في ناحية (١١٣) الغرب. وجعل له عيدا، وجعل فيه ناؤوسا، وحمل إليه من الأموال والجواهر ما أحبّ واختار. وزبره بالطّلّسمات والموانع القاطعة. ثمّ غاب عنهم، فلم يقفوا له على موته.
وأوصا إلى أخيه ماليا. وكان ماليا كثير الأكل والشرب، متفرّدا بالرفاهية، غير ناظر في شيء من الحكمة. وجعل أمر الناس إلى وزير له، فكانت هيبة أيّامه لهيبة أخيه كلكن. وتقديرهم أنّه لم يمت، وإنّما ذكر له موته لينظر ما تجري عليهم من الأحوال.
وكان ماليا معجب بالنساء، فكان له ثمانون امرأة. ثمّ اتّخذ امرأة من بنات ملوك منف وكانت عاقلة سديدة الرأي، وكان بها معجبا. وكان له بنون وبنات، وكان أكبر بنيه يقال له: طوطيس، وكان يستجهل أباه، فأعمل الحيلة في قتله، وحملته على ذلك زوجة أبيه وجماعة من نسائه