جبل القمر لأنّ القمر لا يطلع عليه، لأنّه خارج عن خط الاستواء. ونظر إلى النيل تخرج من سفحه، من تلك التماثيل المذكورة، فيمرّ في طرائق، ويصير إلى فم النيل المنهّر له، ثمّ يجوز خطّ الاستواء، فيجري في نهر النيل، وتمدّ منه عين أخرى من ناحية مكرام الهند. وتلك العين أيضا من جبل القمر، وفيه قول قد قدّمناه في الجزء الأوّل.
ويذكر عن الوليد أنّه رأى القصر النحاس الذي فيه التماثيل التي صنعها هرمس الأوّل الذي ذكرناه، وأنّ النيل يخرج من حلوق تلك التماثيل الذهب، وهم ستّة وثلاثين تمثالا، ثمّ يصبّ إلى بطيحة قد دبّرت بتدبير تلك الأمم القديمة. وإنّ صلاح جريان النيل أصله من هذه التماثيل، وقد أجري إلى تلك البطيحة، مع ما نهر من فم النيل، مصبّات من عدّة برك، كمجاري السيول.
وبتلك البرك أمياة محتبسة محضّرة، فإذا كان أوان الأمطار مطرت في تلك البرك والأودية، فتفيض وتجري في تلك المصبّات وترمي إلى تلك البطيحة، معما نهر من فم النيل، مع طول المسافة إلى إقليم الحبشة. ولا يزال يجري إلى أن ينتهي في فصل الصيف إلى الديار المصريّة، في الوقت المحتاج فيه إلى زيادته، لانتفاع الأراضي التي تركها ويرويها. فيكون مدّة جريانه من مبدأ تلك البرك إلى أن يصل إلى الديار المصريّة: ثلاثة شهور وزيادة. (١٢٢) وكذلك مدّة الأمطار في فصل الشتاء بتلك الأراضي، وهي