قف بالبحر وكنّه بأبي العبّاس ومره أن يكفّ عنّا موجه. وضربه بعصاه فانكشف أرضه ولحقه موسى ومعه بنو إسرائيل. فمشوا في وسط الماء وهو عن أيمانهم وأيسارهم. وجعل لكلّ سبط طريقا، وجعل فيه طاقات ليرا بعضهم بعضا.
فأقبل جبريل، عليه السلام، على فرس بلقاء فدخل قّدام (١٦١ ب) حصان فرعون. فطلبها الحصان وغلب على أمر فرعون. فعبر من خلفه، فلم يبق أحدا منهم في البرّ إلاّ وعبر لعبور فرعون. فلمّا توسّطوا البحر- وقد خرج موسى، عليه السلام، بجميع بني إسرائيل إلى الجانب الآخر- فأمر الله، سبحانه وتعالى، البحر أن يأخذ فرعون وقومه.
فلمّا عاين فرعون الغرق قال: آمنت أنّه لا إله إلاّ الذي آمنت به بنو إسرائيل. وكان قوله غير صحيح النيّة، فألحمه جبريل، عليه السلام، بكفّ من حصاة البحر ضرب بها وجهه، فغرق الجميع، ومرّ بأرواحهم إلى النار.
وطرحهم البحر بعد هلاكهم إلى ذلك الجانب الذي به موسى وبنو إسرائيل. وألقي جسد فرعون حتّى رآه موسى وقومه وعرفوه. وانتقم الله، عزّ وجلّ، منهم ونجّا عباده المؤمنين، والحمد لله ربّ العالمين.
قلت: وسيأتي ذكر من ملك مصر من بعد فرعون موسى عند ذكر فتوح مصر في الإسلام، بكلام يتلوا هذا الكلام، سياقه إلى حين ولاية عمرو بن العاص سنة عشرين الهجريّة، إن شاء الله تعالى، بحول الله وقوّته