واتّفقت مساعدة من الأقدار، فلم يزل يدأب حتّى أذلّ وأزال ملوك الطوائف عن مملكتهم، واستبدّ بمفرده واستولى عليها، وقتل جميع ملوك الطوائف، وكانوا تسعين ملكا. ومكث في الحروب ثلاثين سنة.
وذكر أنّه وجد على نبط العراق ملكا يقال له: أزدوان، وعلى نبط الشام ملكا يقال له: بابا، وكلّ واحد منهما يقاتل (١٨٦) صاحبه على ملكه. فتوافقا على حرب أردشير. فكان أردشير يقاتل بابا يوما، وأزدوان يوما. فكان يقوى على أزدوان ويضعف عن بابا يوما. فرأى من المصلحة مصالحة بابا ليكفّ عنه. فصالحه وتفرغ لأزدوان. فلم يلبث إلاّ يسيرا حتّى قتله واستولى على ما كان بيده. فعندها بايعه بابا، فسمع له وأطاع.
فضبط أردشير الملك، وقهر من كان مناوئا له، حتّى عمل برعاياه على ما أراد.
وبنى أردشير عدّة مدن، منها أردشير حره، وهي مدينة قوم. ورايا دونه أردشير، وهذا اسم لمدينتين بالعراق وكرمان. فالتي بالعراق هي أحد المدن السبع على غربيّ دجلة، وقد عرّب اسمها. فقيل: بهرشير.
والتي بكرمان عرّب اسمها على وضع آخر، فقيل: بردشير وبهرسير،