للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا ما ذكروه من معنى العلم والقدرة ونحو ذلك، فالعرب لا تعرف الكرسى بمعنى العلم والقدرة والملك والأهل وما استشهدوا به فساد لا يعبأ به ولا يعرج عليه.

وأمّا العرش، فقال الجوهرى: (١) سرير الملك يسمّى عرشا، قال: وجمعه عروشا. وقال الحسن البصرى: العرش هو الكرسى بعينه، وليس كما ذكر لأنّ الله تعالى فرق بينهما فقال: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماااتِ وَالْأَرْضَ»} (٢)، ثم قال:

{ثُمَّ اِسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ»}، (٣) وذكر العرش فى عدّة مواضع، وروى مجاهد عن ابن عبّاس أنّه قال: العرش بعد الكرسى. والعرش من ياقوته حمراء، وتحته بحر ينزل منه أرزاق الحيوانات يوحى الله إليه فيقطر ما شاء، ثم يقسم بين الخلائق.

وبين حملة العرش وحملة الكرسى سبعون حجابا من نور غلظ كلّ حجاب مسيرة خمس مائة سنة ولولا ذلك لاحترق حملة الكرسى من نور العرش.

وروى أبو صالح عن ابن عبّاس قال: العرش ثلاثمائة وستّون ألف برج، فى كلّ برج ثلاثمائة ألف صفّ من الملائكة لا يعلم عددهم إلاّ الله تعالى، يسبّح كلّ واحد منهم بلسان لا يعرفه الآخر.

وروى عن الحسن أنّه قال: العرش بمعنى الملك، قلت: والعجب من هذا مع فضيلة الحسن أنّه قال: والعرش بمعنى الملك، وقد قال الله تعالى: {وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ»} (٤) فكيف يكون بمعنى الملك، وإنّما لعلّه نظر إلى قول زهير


(١) الصحاح ٣/ ١٠٠٩ ب
(٢) القرآن الكريم ٢/ ٢٥٥
(٣) القرآن الكريم ٧/ ٥٤؛ قارن تفسير مجاهد ١/ ٢٣٨
(٤) القرآن الكريم ١١/ ٧