أموالهم وسلبهم. ثمّ (٢٠٨) نازعته نفسه إلى دخول أرض الروم متنكّرا، ليرا قوّتهم، ويطّلع على عورات ثغورهم، ويخبر كنه هممهم، لما كان يؤمّله من غزوهم. فأمر من كان معه من الأساورة والجيوش بالرجوع إلى أرضهم، واستصحب وزيرا كان أفضل وزرائه، فدخل معه أرض الروم متنكّرا.
وقد ذكر خبره ابن ظفر في كتابه المسمّى بسلوان المطاع، ما يغني عن استيعاب جملته ها هنا، وذكر مسيره إلى بلاد الروم وتطوافه، وقبض ملك الروم عليه، بدلالة المتفرّسين، وسجنه في تمثال بقرة، وخروج ملك الروم بجيوشه إلى بلاد فارس وشابور معه مسجونا في ذلك التمثال، وما دبّره وزير شابور في صحبته لوزير ملك الروم، وما جرى بينهما من المحاورات، وسعيه في خلاصه، وعوده إلى بلاد ملكه، وتدبيره في القبض على قيصر ملك الروم وظفره به، واستبقائه إيّاه، وأخذه بصلاح جميع ما أفسده من بلاده.
وهذه الواقعة أيضا أثبتّها بجملتها في كتابي المسمّى بأعيان الأمثال وأمثال الأعيان في المحاضرة الملوكيّة، إذ هو مشتمل على اثنتي عشر محاضرة. وهو كتاب نفيس، يحتوي على زبد أخبار العالم، ألّفته قبل وضعي لهذا التاريخ. فلذلك لم أذكر في هذا التاريخ شيء ممّا أثبتّه في ذلك الكتاب، حفظا منّا لبهجة مطالع ذلك الكتاب، وتوقّيا لما أودعنا فيه في كلّ فصل وباب.