فإنّهم قصّروا لنا في بعض المحاضرة بحكم السنّ، فنبّهناهم على غلطهم ببعض الإعراض. ولذلك ظنّوا سآمتنا، ولسنا لها. فسجد موبدان موبد وخرج من عنده. فأمر أن يكتب في هيكل الحكمة: إنّ الملوك متميّزة بعقولها وأخلاقها عن مشاكلة من سواها من الناس. فمن نصحها بغير ما يلائمها وقصّر عن توفيتها ما يجب لأقدارها، عطب.
قيل: ولم يزل أهل مملكته يتعرّفون منه سموّ الهمّة، ولطف الفطنة، وسعة الصّدر، واستنباط المصالح، واعتماد العدل، إلى أن بلغ سنّة ستّة عشر سنة. فأمر أن ينتخب له ألف فارس من الأساورة، ذوي القوّة والنّجدة والبأس، وأن تزاح عللهم، وتبسط آمالهم. فامتثل أمره. فجعلهم خاصّته.
وخرج في عشرة آلاف من جيوشه إلى الأعراب الذين كانوا أعاثوا في أطراف مملكته، فأوقع بهم، فنال منهم، وأوغل في آثارهم طلبا، وغوّر مياههم وخلع أكتافهم، فسمّي: ذو الأكتاف. ولم يتعرّض لشيء من