وكان صاحب قرموس ينظر في كلّ يوم إليهم، فأتاهم ذات يوم، فسألهم عن أمرهم، فأخبروه. فقال: عندي علم ذلك، فأجّلوني إلى غد.
وكان للقرموسيّ ابنة ذات عقل وأدب. فلمّا أتا إليها أبوها عشيّة يومه، قصّ عليها ذلك وقال: إنّي وعدت القوم إلى غد، ثقة منّي بعقلك يا بنيّة.
فقالت له: افعل كيت وكيت. فلمّا كان من الغد وجد القوم في انتظاره.
فقال: طيبوا نفسا، فعندي ما تريدون، إلاّ أنّ لي قرموسا لا أسطتيع <أن> أعطّله. فليقعد رجل منكم يقد تنّوره وأنا أمضي معكم لقضي شغلكم. وألبسوني من أثوابكم <وأعطوني> دابّة من دوابّكم لمركوبي.
ففعلوا ذلك.
وكان في المدينة رجلا من أولاد ملوكهم قد ساءت حالته، فأتاه القرموسيّ، وسأله القيام بملك أبيه وطلبه. فقال: ليس بتهيّأ لي ذلك حتّى يخرج هذا من مدينة منف-يريد بقوله الملك نوله. فقال القرموسيّ: أنا أخرجه لك وجميع حاشيته. وجمع لذلك الفتى مالا من كبار الدولة.
ثمّ أقبل القرموسيّ حتّى دخل على نوله الملك، فأخبره أنّ عنده علم ما يسأله عنه. فقال: أخبرني كم عدد نجوم السماء؟ فأخرج (٢١٨) القرموسيّ جرابا، كانت ابنته قد أمرته به، محشوّا رملا، فنشره بين يدي الملك، وقال: هذا بعدد نجوم السماء. وإن كنت تشكّ في ذلك فأمر من يعدّها ويقابل بينها. وكان حضوره بين يديه حين غربت الشمس، فقال