ما صالحوا به الروم، بين الروم وفارس. فرضيت فارس بذلك، وكذلك الروم، حتّى ظهرت فارس على الروم. وأقامت مصر بين الروم وفارس نصفين سبع سنين. ثمّ استجاشت الروم على فارس وألحت بالقتال والردّ، حتّى ظهروا عليهم، (٢٢٣) وخرّبوا مصانعهم أجمع، وديارهم التي بالشام ومصر. وكان ذلك في عهد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، قبل وفاته وبعد ظهور الإسلام. فصارت الشام ومصر كلّها صلحا للروم، وخالصا لهم، ليس لفارس فيه شيئا، إلى حين فتحها عمرو بن العاص في خلافة عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه، كما سيأتي ذكر ذلك في ذكر سنة عشرين، إن شاء الله.
قال: حدّثنا عليّ، قال: ثنا اللّيث بن سعد عن عقيل بن خالد عن ابن شهاب، وقال: كان المشركون يجادلون المسلمون بمكّة قبل الفتح، فيقولون: الروم أهل كتاب، وقد غلبتهم المجوس؛ وأنتم تزعمون أنّكم ستغلبون بالكتاب الذي معكم، الذي أنزل على نبيّكم. فستغلبكم كما غلب فارس الروم. فأنزل الله عزّ وجلّ:{الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}.
قال ابن شهاب: وأخبرني عبد الله بن عتبة بن مسعود أنّه قال: لمّا أنزلت هاتان الآياتان، ناظر أبو بكر، رضي الله عنه، بعض المشركين، قبل أن يحرّم ذلك على شيء، أن لن تغلب الروم فارس في سبع سنين. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم:«لم فعلت؟ فكلّما دون العشر: بضع». وكان ظهور فارس